• اخر تحديث : 2025-03-07 14:46
news-details
قراءات

ما أبرز ملفات زيارة الرئيس الفرنسي إلى الولايات المتحدة؟


في خطوة تعكس مدى قلق أوروبا حيال موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتشدد إزاء أوكرانيا ومبادراته تجاه روسيا لإنهاء الحرب الروسية–الأوكرانية؛ أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارةً إلى الولايات المتحدة يوم 24 فبراير 2025، في أول زيارة لزعيم أوروبي يزور البيت الأبيض منذ أداء ترامب اليمين الدستورية في العشرين من يناير الفائت. وسعى ماكرون، خلال الزيارة، إلى استكشاف مستقبل الحرب في أوكرانيا التي استمرت نحو ثلاث سنوات، في ضوء تحركات إدارة ترامب لإنهاء الحرب، بجانب سعيه إلى التوصل إلى حل وسط مع ترامب الذي يطالب باسترداد الأموال التي قدمتها الولايات المتحدة كمساعدات لأوكرانيا خلال حربها مع روسيا.
 
ملفات بارزة
يبدو أن العديد من الملفات كانت مطروحة خلال الزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة، ولقائه الرئيس الأمريكي ترامب، وهي الملفات التي يمكن توضيحها فيما يلي:
 
1– مناقشة مسألة استرداد واشنطن أموالها من كييف: تُعتبر مسألة استرداد واشنطن أموالها من كييف جزءاً من زيارة الرئيس الفرنسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلك نتيجة إقدام ترامب في الفترة الماضية على مطالبة أوكرانيا بأن ترد الأموال التي حصلت عليها طوال فترة حربها مع روسيا. وكان مبرر ترامب لذلك الأمر في مناقشاته مع الرئيس الفرنسي "أن أوروبا تُقرِض أوكرانيا المال، وسوف تستعيد أموالها"، فكان رد الرئيس الفرنسي عليه: "لا في الحقيقة، نحن دفعنا 60% من إجمالي الجهود"، في حين أضاف ماكرون: "وهناك أموال روسية مجمدة، يمكننا استخدامها". وقد رد ترامب على هذا الشأن قائلاً: "إذا اقتنعتم بهذا فلا مانع لديَّ، لكن أوروبا تسترجع أموالها ونحن لا، والآن سنستعيد أموالنا". وقد حاول الرئيس الفرنسي تهدئة مخاوف ترامب حتى يبعد عن فكرة استعادة الأموال التي دفعتها الولايات المتحدة لأوكرانيا.
 
2– تأكيد عدم رفع الحظر على الأصول الروسية المجمدة: سعى ماكرون إلى أن يؤكد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الدول الأوروبية لن ترفع الحظر المفروض على الأصول الروسية المجمدة التي تبلغ 300 مليار دولار؛ لذلك قال الرئيس الفرنسي خلال حديثه مع ترامب: "نحن نستخدم عائدات الأصول المجمدة، ولا يمكننا أخذ الأصول نفسها. وهذا يتعارض مع القانون الدولي"، وهو ما يعكس رغبة فرنسا في إظهار موقفها القوي والموحد مع حلفائها الغربيين في مواجهة روسيا.
 
3– إقناع ترامب بمشاركة أوروبا في إنهاء الحرب الأوكرانية: يهدف ماكرون من زيارته إلى الولايات المتحدة إلى إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعدم التسرع في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأي ثمن كان، وأن يعمل على إشراك أوروبا في هذا الأمر، ومناقشة الضمانات العسكرية لأوكرانيا، في حين أن ماكرون حاول الاستفادة من علاقته الودية مع ترامب منذ فترة ولايته الأولى، في إقناعه بأن الموافقة على اتفاق سيئ من شأنه أن يمثل استسلاماً من جانب كييف، وأنه يحمل في ذلك الوقت إشارة ضعف في مواجهة أعداء الولايات المتحدة، مثل الصين وإيران.
 
4– زيادة أوروبا ميزانية الإنفاق الدفاعي: يحتمل أن تكون الزيارة قد شهدت تأكيد أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2,5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030م؛ وذلك من أجل طمأنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضمان الأمن الجماعي للقارة، وكمحاولة أيضاً لإقناع ترامب بالحفاظ على العلاقات الدفاعية مع الدول الأوروبية؛ لأن ذلك سيكون من مصلحة الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً.
 
5– محاولة لتجنب فرض الرسوم الجمركية الأمريكية: لا تقتصر أجندة زيارة ماكرون على الملف الأوكراني فقط، بل تتسع لتشمل الملفات الاقتصادية؛ فقبل وصوله إلى واشنطن، أشار ماكرون إلى أنه "بين الحلفاء، لا يمكن أن يجعل بعضهم بعضاً يعانون من خلال فرض رسوم جمركية"، وأضاف: "سأتحدث معه حول هذا؛ لأننا بحاجة إلى تهدئة الأمور. المنتجات الزراعية والغذائية هي من أكبر صادرات فرنسا، ومن ثم ينبغي الدفاع عنها لجعلها أكثر تنافسيةً مما هي عليه الآن".
 
6– العمل على نشر قوات أوروبية في أوكرانيا: من بين الملفات التي ناقشها ماكرون خلال زيارته إلى واشنطن ملف نشر قوة عسكرية أوروبية في أوكرانيا. وقد تتضمن هذه الخطة إرسال نحو 30 ألف جندي أوروبي في بعثة إلى أوكرانيا مع قيام بريطانيا وفرنسا بالدور القيادي فيها. وبهذه الخطة تحاول فرنسا إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أن أوروبا ليست ضعيفة، وأن لديها الكثير الذي يمكن أن تقدمه. وفي هذا السياق، دعا الرئيس الفرنسي ماكرون، يوم 24 فبراير الجاري، الولايات المتحدة إلى دعم نشر قوات أوروبية في أوكرانيا كشكل من أشكال الضمانات الأمنية.
 
7–إقناع ترامب بوقف المفاوضات مع روسيا: سعى ماكرون خلال زيارته إلى إقناع الرئيس الأمريكي ترامب بعدم إجراء مفاوضات مع روسيا على حساب إضعاف موقف أوكرانيا وتقوية موقف روسيا؛ وذلك لأن التاريخ سيحكم على أي اتفاق يؤدي إلى تقوية بوتين بأنه اتفاق سيئ، وهو ما قد يؤثر في نهاية المطاف على إرث ترامب السياسي أمام العالم كله.
 
8– الحديث عن عضوية أوكرانيا في الناتو: يُرجَّح أنَّ قضية انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو كانت من القضايا المطروحة على أجندة لقاء الرئيس الفرنسي بترامب في البيت الأبيض، ولا سيما مع الرفض الأمريكي لانضمام كييف إلى الحلف؛ حيث أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، في حديثه إلى فوكس نيوز، أن الولايات المتحدة لن تقبل أوكرانيا عضواً في حلف شمال الأطلسي؛ وذلك لأنه بموجب موافقتها سيتعين على الولايات المتحدة بموجب المادة (5) أن تُشرِك القوات الأمريكية في الدفاع عن أوكرانيا، وهذا ما لا تريده واشنطن، في حين أن والتز شدد خلال حديثه على أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالضمانات الأمنية لأعضاء الناتو، ولكن مسألة الضمانات الأمنية لأوكرانيا شيء مختلف تماماً.
 
9– التوازن بين المصالح الأوروبية والأمريكية: يهدف ماكرون من لقائه الرئيسَ الأمريكي إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على المصالح الأوروبية من جهة، والحفاظ على العلاقات المتينة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعروف بتصرفاته غير المتوقع، التي لا يمكن التنبؤ بها من جهة أخرى، وخاصةً في ذلك الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الدولية تحولات جذرية منذ تولي الرئيس ترامب منصبه.
 
طمأنة ترامب
وختاماً، يمكن القول إن الهدف من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة هي طمأنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الاتحاد الأوروبي بدأ يتخذ قراراً بزيادة الإنفاق الدفاعي على محمل الجد، ومنح أوروبا المزيد من الوقت لتنسيق خطة بشأن أوكرانيا وضمان الأمن الجماعي للقارة، بجانب حرصه الشديد على إقناع ترامب بوقف مفاوضاته مع روسيا؛ لكيلا تأتي تلك المفاوضات على حساب سيادة أوكرانيا والأمن الأوروبي.