• اخر تحديث : 2025-04-15 11:25
news-details
قراءات

كيف تزايد التعاون الدفاعي بين تركيا والبرازيل؟


وقعت شركات دفاعية تركية عدداً من اتفاقيات التعاون الدفاعي مع البرازيل، وذلك خلال النسخة الــ 15 من معرض "LAAD 2025" الدفاعي الذي استضافته البرازيل في الفترة من 1 إلى 4 أبريل 2025، وتضمنت برامج التعاون مجالات محركات الصواريخ والطيران، وفرص التطوير والإنتاج الدفاعي المشترك. وتعكس اتفاقيات الشركات التركية حرص أنقرة على تطوير التقنيات الدفاعية المستقلة مع الدول الصديقة والحليفة. وقد رحبت الأوساط البرازيلية بالاتفاق، باعتباره فرصة إضافية لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين، لتشمل إلى جوانب التعاون السياسي والاقتصادي، تعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع، الذي بات يمثل أولوية استراتيجية لمساعدة كل طرف على التغلب على التهديدات الأمنية المختلفة، وتعزيز السلام والاستقرار المستدامين.

مؤشرات لافتة

هناك العديد من المؤشرات الدالة على تزايد التعاون الدفاعي بين تركيا والبرازيل، على النحو التالي:

1- الترويج المتبادل للصناعات الدفاعية: أبدت البرازيل وتركيا حرصاً لافتاً على المشاركة في المعارض الدفاعية التي ينظمها البلدان، فبينما شاركت تركيا في النسخة الأخيرة من معرض LAAD، الذي استضافته مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، والذي يُعد من أكبر الفعاليات الدفاعية والأمنية في أمريكا اللاتينية، فقد شاركت الشركات الدفاعية البرازيلية في المقابل في معرض "ساها" الدولي للدفاع والطيران (SAHA EXPO) الذي أُقيمت فعالياته بمدينة إسطنبول في أكتوبر 2024، بالإضافة إلى تأكيد البرازيل على المشاركة في النسخة الــ17 من معرض الدفاع الدولي (IDEF) المقرر إقامتها في تركيا خلال الفترة من 22 إلى 27 يوليو 2025. وساهمت المشاركة المتبادلة في معارض الدفاع والأمن والفضاء والتكنولوجيا الرائدة في دفع برامج التعاون الدفاعي بين تركيا والبرازيل، بالإضافة إلى الترويج للصناعات الدفاعية لكل بلد لدى الآخر.

2- توسيع التعاون بين الشركات الدفاعية: شهدت الآونة الأخيرة نمواً لافتاً في مجالات التعاون بين الشركات الدفاعية في البلدين، وكان آخرها توقيع مجموعة "كاليه" التركية وشركة أنظمة التكنولوجيا العالية المتكاملة البرازيلية، اتفاقاً في 4 أبريل 2025، يتيح للأولى تصدير محركات "KTJ-3200" التوربينية الصاروخية، بالإضافة إلى توقيع شركة صناعات الطيران والفضاء التركية "توساش" في 3 أبريل 2025 على هامش معرض "لاد"، مع نظيرتها البرازيلية "إمبراير"، اتفاق تعاون لتطوير أنشطة البحث والتطوير والإنتاج المشترك على المنصات المدنية والعسكرية. كما تجدر الإشارة إلى أن شركة "سارسيلماز" التركية، التي تمتلك تشكيلة واسعة من الأسلحة الصغيرة والرشاشات والمسدسات، نجحت خلال الآونة الأخيرة في تعزيز وجودها في أسواق أمريكا اللاتينية وتأسيس علاقات مباشرة مع المستخدمين في المنطقة، وخاصة في البرازيل.

والأرجح أن هذا التطور الحاصل في مجال التعاون الدفاعي ليس جديداً أو هو الأول من نوعه، فقد وقَّع البلدان في سبتمبر 2024 عشية زيارة وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي محمد فاتح كاجر، سلسلة من الاتفاقيات للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية، بهدف المساعدة في ضمان الظروف المناسبة للبحث والتطوير والإنتاج العسكري المشترك، علاوةً على تبادل البلدين خلال الآونة الأخيرة الخبرات العلمية والعملية في مجال التقنيات الدفاعية.

3- دعم صفقات التسليح بين الجانبين التركي والبرازيلي: في سياق الرغبة في زيادة التعاون في المجال الدفاعي، أعلنت البرازيل في مارس 2024 عن رغبتها في تعزيز ترسانتها الدفاعية بالدبابات التركية المتوسطة من نوع كابلان MT، والمعروفة أيضاً باسم Harimau. كما اتجهت البرازيل في 20 مارس 2025 للتفاوض على شراء مدرعة قتال المشاة التركية TULPAR، وذلك بعد تعثر المفاوضات بين هيئة التسليح والمواد البرازيلية، وشركات الدفاع الأوروبية.

4- مساعي البرازيل للاستعانة بأنقرة لتحديث سلاحها الجوي: وفقاً للعديد من التقديرات، وفي ضوء مساعي البرازيل لتحديث وتجديد أسطول الطيران، ضمن المشاريع الرئيسية للقوات الجوية البرازيلية المشمولة في برنامج النمو الحكومي، تمثل تركيا أحد خيارات البرازيل في تطوير قدراتها الجوية، خاصة في مجال الطائرات المسيرة التي تتميز فيها تركيا بالريادة.

تداعيات محتملة

يرجح أن يدفع التطور الحاصل في المجال الدفاعي بين تركيا والبرازيل إلى مجموعة من الارتدادات الإيجابية، والتي يتمثل أبرزها فيما يلي:

1- تبادل التقنيات الدفاعية التكميلية: تُشير الاتفاقيات الدفاعية الموقعة بين الشركات الدفاعية التركية ونظيرتها البرازيلية على هامش معرض LAAD، إلى حرص البلدين على أهمية تعزيز الاستفادة المتبادلة في مجال التقنيات الدفاعية التكميلية، وهي الوسائل أو النُظم التي تُستخدم إلى جانب الأنظمة الدفاعية الأساسية لتعزيز الحماية، وزيادة فاعلية الاستجابة للتهديدات، وتقليل الثغرات في الدفاع. وقد أشار وزير الصناعة التركي على هامش معرض ريودجانيرو في 3 أبريل 2025 إلى أن ثمة رغبة مشتركة لدفع فرص التعاون الدفاعي المشترك بين تركيا والبرازيل، لا سيما وأن البلدين قطعا شوطاً معتبراً على صعيد تطوير وترقية قطاع الصناعات الدفاعية المحلية.

2- التوسع في تصدير المنتجات الدفاعية التركية: من المحتمل أن يساهم التعاون الدفاعي بين البرازيل وتركيا في تعزيز حضور المنتجات الدفاعية التركية في القارة اللاتينية خلال المرحلة المقبلة، لا سيما وأن معرض LAAD شهد إقبالاً لافتاً على الصناعات الدفاعية التركية من جانب عدد واسع من دول أمريكا الجنوبية، خصوصاً التي بات لديها علاقات متوترة مع واشنطن، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة مع مجيء ترامب إلى السلطة. وفي رؤية أنقرة فإن تصدير المنتجات الدفاعية التركية إلى البرازيل (الدولة الأكبر في محيطها الإقليمي) سيعزز التوسع في تصديرها إلى كافة الدول اللاتينية؛ نظراً إلى تأثرها بتوجهات السياسة الخارجية للبرازيل، ولا سيما بعد عودة لولا دا سيلفا إلى صدارة المشهد، والذي تجمعه علاقات جيدة بأنقرة.

3- تكثيف التعاون الأمني لمواجهة القرصنة البحرية: يرجح أن يشمل التعاون التركي البرازيلي المتقدم التعاون الأمني فيما بينهما لمواجهة التحديات الأمنية الراهنة، وفي الصدارة منها أنشطة القرصنة البحرية التي يعاني منها البلدان. وتشارك البرازيل وتركيا ضمن قيادة قوة المهام المشتركة سي إم إف لمكافحة القرصنة، والتي تستهدف تحسين التعاون البحري بين الدول المختلفة وردع الأنشطة غير المشروعة في البحر. بالإضافة إلى التعاون الاستخباراتي البحري من خلال تبادل المعلومات والمعارف.

4- دعم مسار انضمام تركيا للبريكس: ثمة قناعة تركية بأنه من المُحتمل أن يُسهم التعاون الدفاعي بين البرازيل وتركيا في تعزيز مكانة الأخيرة داخل مجموعة "البريكس"، وبالتالي تعزيز فرص لحاق أنقرة بـ"البريكس" التي تعد البرازيل أحد أطرافها الرئيسيين، لا سيما وأن تركيا تقدمت في سبتمبر 2024 بطلب للانضمام إلى المجموعة. وفي رؤية تركيا فإن الانضمام إلى البريكس يمثل خطوة مهمة سواء لتعزيز حضور الصناعات الدفاعية التركية، التي تعمل حالياً على نقل ابتكاراتها التكنولوجية بجانب الترويج لمنتجاتها الدفاعية في كافة دول أمريكا الجنوبية، وكذلك باقي الدول الأعضاء في البريكس.

5- تعزيز فرص التعاون الاقتصادي بين الدولتين: قد يمثل التعاون الدفاعي المتنامي بين البرازيل وتركيا فرصة إضافية للجانبين لتطوير وتعزيز فرص التعاون الاقتصادي، وذلك من خلال تهيئة مناخات أفضل لتطوير التعاون الحيوي بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية، بما قد يُضاعف حجم المبادلات التجارية بين البلدين، والتي وصلت بنهاية العام 2024 إلى نحو 5 مليارات دولار. ويشار إلى أن البرازيل تعد الشريك التجاري الأكبر لتركيا في منطقة أمريكا الجنوبية.

ختاماً، يمكن القول إن التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين تركيا والبرازيل، والصفقات الدفاعية الموقعة على هامش معرض LAAD، لا تعد مجرد تبادل تجاري بين الطرفين، إذ تعبر عن رغبة مشتركة في دفع وترسيخ العلاقات السياسية والاستراتيجية بين البلدين، ولا سيما في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة، وفي إطار مساعي أنقرة للانضمام إلى البريكس.