• اخر تحديث : 2025-08-11 15:48
news-details
إصدارات الأعضاء

حصان طروادة الحديث..كيف تفتت منطقنا من الداخل؟


في الأسطورة الإغريقية الشهيرة، لم يسقط سور طروادة إلا بعدما أدخل أهلها بأنفسهم الحصان الخشبي إلى قلب مدينتهم، ليكتشفوا متأخرين أن العدو كان مختبئًا في أحشائه، لا خلف أسوارها.

اليوم، الشرق الأوسط يعيش نسخة حديثة من هذه الحكاية، ولكن بحصانٍ مختلف، أدواته الإعلام، الاقتصاد، الحرب النفسية، التكنولوجيا، والعملاء المحليين، وسلاحه تفتيت الداخل عبر الحرب الناعمة.

لم تعد الجيوش وحدها من يقود الحروب، بل هناك أدوات أكثر خبثًا وأقل صخبًا من أدوات حصان طروادة الحديث:

- إعلام يضلل، ويقسّم الشعوب، ويعيد تشكيل وعيها بما يخدم مصالح الخارج.

- اقتصاد يُحاصر ويُنهك ليدفع الشعوب إلى الفوضى.

- هويات طائفية وعرقية تُستثمر لتفتيت الولاءات الوطنية.

- منظمات مشبوهة وشخصيات وظيفية تُعيد إنتاج الصراع من الداخل.

- حروب سيبرانية تُخترق بها الدول من خلف الشاشات.

الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني يسعى الى شرق أوسط جديد مفكك، وما يُراد لمنطقتنا ليس جديدًا، بل استمرار لمشروع "سايكس – بيكو الجديد" بأدوات معاصرة والهدف منها:

- تقسيم العراق وسوريا واليمن ولبنان إلى دويلات ضعيفة.

- تصفية القضية الفلسطينية عبر التطبيع وتهميش الحقوق.

- تأمين إسرائيل كقوة مهيمنة بلا تهديدات.

- ضمان بقاء المنطقة سوقًا للنفط والسلاح دون امتلاك قرارها.

لماذا ينجح المشروع؟

لأننا في كثير من الأحيان نفتح له الأبواب من الداخل:

- صراعات طائفية ومذهبية عبثية.

- نخب سياسية فاسدة أو تابعة.

- شعوب تُستنزف في صراعات الهوية بدلاً من بناء الدولة.

- اقتصاديات ريعية تعتمد على الخارج.

 يمكن ان نغلق الأبواب أمام الحصان بـ:

- إعادة الاعتبار لفكرة الدولة الوطنية القوية، القائمة على المواطنة لا الطائفة.

- بناء إعلام حر ومهني، لا تابع ولا ممول لسياسات الاختراق.

- اقتصاد مقاوم، منتج لا مستورد.

- تحالفات إقليمية ودولية متحررة من الهيمنة الأمريكية.

- وعي شعبي يدرك خطورة هذه الحرب الصامتة.

لم تعد الحروب تحتاج إلى صواريخ، بل إلى وعي هش يمكن اختراقه من الداخل. حصان طروادة الحديث يعيش بيننا… في نشرات الأخبار، في خطاب الكراهية، في الشائعات، في منصات التواصل. لكن الحصانة تبدأ حين نفهم: العدو لا يحتاج أن يقتحمك إذا كنت تفتح له الباب بيدك.