شكّلت حرب 2006 وعملية السابع من أكتوبر 2023، نقطتي تحوّل جوهريتين في الفكر الإستراتيجي والأمني الإسرائيلي، ما استدعى مراجعة شاملة للعقيدة العسكرية التقليدية، التي ارتكزت تاريخيًا على مثلث: الردع والإنذار المبكر والنصر المطلق.
وقد مثّل التدخل العسكري الإسرائيلي الواسع النطاق في لبنان عام 2024، والذي شمل عمليات عسكرية جويّة وبريّة واسعة، تحوّلًا إستراتيجيًا وعملياتيًّا مهمًا، استند إلى تطوير وتحديث ما يُعرف بـ (عقيدة الضاحية: أنّ ما حدث في الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2006 سيُطبق في أي قرية جنوبية تُطلق منها النيران). هذه الإستراتيجيّة نشأت في أعقاب حرب لبنان عام 2006 كاستخلاص للدروس الميدانيّة والإستراتيجية (منها وأبرزها: إستنفاد بنك الأهداف الإسرائيلي المتاح، القصور في التعامل مع قدرات حزب الله الصاروخيّة). وقد تمّ إجراء تعديلات جوهرية عليها لتحويلها إلى نظرية وإطار حرب تعتمد على (القوة الغاشمة)، وإعادة هندسة الواقع الجغرافي على الحدود الشمالية، ولتحقيق الردع الإستراتيجي من خلال فرض تكلفة باهظة وغير متناسبة على الخصم (التنظيمات المسلحة غير الحكومية) وبيئته الحاضنة، ولتغيير الواقع الجغرافي والسياسي بالقوة الغاشمة.