العلاقة بين حزب الله وأنصار الله ليست وليدة اللحظة، فمنذ البواكير الأولى لنشأة المشروع القرآني، ومؤسس المشروع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) يحرص في أغلب محاضراته على الإشادة بحزب الله وسماحة السيد الشهيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، وبدور الحزب في التأسيس للمقاومة والجهاد من منظور إيماني قرآني، والتصدي لمؤامرات الأعداء في لبنان والمنطقة.
وعندما بدأ الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي _رضوان الله عليه) ومن بعده السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) في التأسيس لثقافة الجهاد والعمل على استنهاض الأمة كان سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) حاضراً وبقوة من خلال استلهام تجربة حزب الله الجهادية، وهذه العلاقة لم تقتصر على مجرد الاعجاب والتقدير وحسب، بل تجاوزت كل ذلك لتؤسس لعلاقة جهادية من نوع فريد وتكاملي، فالعدو مشترك، ومؤامرات قوى الاستكبار لا تستثني أحداً.
ولحزب الله بقيادته الجهادية المتمثلة في سماحة السيد الشهيد الأقدس حسن نصر الله (رضوان الله عليه) مواقفه المساندة للشعب اليمني ولأنصار الله منذ اللحظات الأولى للعدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن، وسماحة الشهيد الأقدس هو الوحيد الذي تصدى لهذا العدوان الهمجي في ظل صمت وتواطؤ دولي مشبوه، وهو الوحيد الذي اثار القضية اليمنية بعد أن حاولت ماكنة قوى الاستكبار التعتيم عليها وطمس الجرائم المرتكبة بحق أبناء الشعب اليمني على امتداد عقد من الزمن.
ومنذ بداية عملية "طوفان الأقصى" والتنسيق المشترك بين أنصار الله من جهة، وحزب الله في لبنان من جهة أخرى، قائم وفق رؤية استراتيجية واضحة المعالم، لتأسيس وحدة مقاومة واحدة وقوية ومتكاملة تجمع محور المقاومة في كل لبنان واليمن وفصائل المقاومة الفلسطينية والجمهورية الإسلامية في إيران في بوتقة واحدة، وهذا ما تحقق بشكل ملحوظ، وفي إطار عملي مشترك وفاعل ومؤثر.
ومنذ اللحظات الأولى للعدوان الإسرائيلي الأمريكي على لبنان واستهداف حزب الله بشكل مباشر، وما ترتب على ذلك من استشهاد كوكبة من قيادات الحزب على رأسها سماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) ولليمن موقفها الواضح، وهذا ما تمثل في المسيرات الجماهيرية والمظاهرات المليونية المساندة لحزب الله والشعب اللبناني في مختلف ساحات جمهورية اليمن، وما تبع ذلك من تكثيف أنصار الله والجيش اليمني لهجماته الصاروخية وتوسيع نطاف استهداف الكيان المؤقت جغرافياً لتخفيف الضغط على جبهات المقاومة المشتعلة في لبنان وغزة، الأمر الذي أربك كيان العدو وشتت تركيزه، وإن لم يخفف ضغطه القوي واستهدافه الممنهج لجبهة لبنان العصية.
وفي الآونة الأخيرة ومع الانتهاك السافر للكيان المؤقت لوقف إطلاق النار في لبنان، والاستهداف المنهج للأفراد والمنشئات لتحويل لبنان إلى منطقة استهداف مفتوحة، بدأ أنصار الله استراتيجية جديدة للتعامل مع هذا الكيان المجرم، وفتح جبهة إسناد جديدة لدعم ومساندة حزب الله والشعب اللبناني وتحديداً بعد توقف جبهة إسناد غزة بسبب المفاوضات القائمة حالياً، وهذا ما صرّح به الخبراء الإسرائيليين ووسائل إعلامهم ، حيث أشار "مفزاكي راعام" إلى أن "الحوثيون يرسلون رسالة لإسرائيل بوقف الهجمات في لبنان أو أنهم سيعودون للرد، يحاولون بقوة اختبارنا"، وفي الوقت نفسه إذاعة الجيش الإسرائيلي "تنقل عن مسؤول عسكري كبير قوله: "أن القوات المسلحة اليمنية قدّمت رسائل عبر وسطاء دوليين تفيد بأنه في حال استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان فستتدخل اليمن وتفتح جبهة إسناد جديدة للمقاومة اللبنانية، وتستأنف قصف المدن الإسرائيلية في الأراضي المحتلة".
وهذه الرسائل والمواقف المعلنة والخفية تحمل الكثير من الدلالات والإيحاءات، وتؤكد ما أشار إليه سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (حفظه الله) بأن اليمن وأنصار الله جاهزون للدفاع عن أي بلد أو شعب يستهدف من قِبل الأعداء، وهذه المواقف في عمومها منطلقة من الدوافع الإيمانية والإنسانية، أما الموقف المساند لحزب الله ولبنان فهو منطلق من وحدة المنطلق الإيماني الجهادي، ولن يقتصر الموقف المساند على مجرد التصريحات والمظاهرات الجماهيرية وحسب، بل سيتجاوز كل ذلك إلى التدخل العسكري والتعاون المشترك في مختلف المجالات، وعلى الرغم من أن جراح اليمن على امتداد عقد من الزمن لم تضمد بعد، إلا أن التصدي لمؤامرات قوى الاستكبار العالمي والتحديات التي تواجه المنطقة لن تمنع اليمن من التدخل والمساندة مهما كانت الضريبة التي سيتحملها، فقد آن الأوان لأن يتأسس محور مقاوم واحد وقوي للتصدي لمحور الشر الأمريكي الصهيوني وتدخلاته السافرة في المنطقة، ولدى اليمن من وسائل الضغط ما يغير مسار المعادلات في المنطقة لصالح المحور، وسيظل أنصار الله وحزب الله في خندق واحد شعاره الجهاد المقدس، فهما وحدهما من يشكل صمام الأمان لهذه الأمة في زمن تخاذلت الأنظمة السياسية العربية عن القيام بدورها، وسيكتب الله تعالى النصر والتمكين على أيدي رجالهما وأن طال الزمن.