• اخر تحديث : 2025-11-07 14:39
news-details
تقدير موقف

كيف يؤثر فوز ممداني بمنصب عمدة نيويورك في المشهد السياسي الأمريكي؟


حقَّق المرشح الديمقراطي زهران ممداني، فوزاً لافتاً في انتخابات عمدة مدينة نيويورك؛ حيث حصل على 50.4% من إجمالي الأصوات، مُتقدماً على منافسيه الديمقراطي أندرو كومو، الحاكم السابق لولاية نيويورك، الذي حصل على 41.6%، والمرشح الجمهوري كورتيس سليوا، الذي حصل على 7.1% فقط من إجمالي الأصوات في الولاية.
 
وفي أول خطاب له أمام أنصاره بعد إعلان فوزه، قال ممداني: "لقد منحتموني تفويضاً للتغيير"، مُضيفاً أنه تفويض لنمط جديد من السياسة، تفويض لمدينة يمكنها أن تتحمل تكاليف المعيشة، واصفاً فوزه بأنه "انتصار رغم كل الصعاب"، وواعداً ناخبيه بمستقبل أفضل.
 
والحقيقة أن هذا الفوز شكّل لحظة فارقة تتجاوز حدود ولاية نيويورك؛ ليصبح زهران ممداني نموذجاً لصعود "جيل جديد من القيادات السياسية التقدمية" التي تسعى إلى إعادة تعريف العدالة الاجتماعية، والهُوية المدنية وقيم التعددية الأمريكية.
 
دلالات الفوز:
 
يحمل فوز زهران ممداني، في انتخابات عمدة مدينة نيويورك عام 2025 دلالات سياسية وحزبية، حضرية واجتماعية، واقتصادية لا يمكن تجاهلها، وتتمثل في الآتي: 
 
1. ذروة تناقضات المشهد السياسي: جسَّد فوز زهران ممداني الوجه النقيض من هيمنة تيار ترامب اليميني الشعبوي على السلطة هذا العام، فبينما مثَّل انتخاب دونالد ترامب عام 2024 لحظة صعود تيار يميني شعبوي يدعو الي تعزيز قيم أمريكا أولاً، ويرفض التعددية، ويدعو إلى محاربة الهجرة والجريمة، واستعادة "هيبة الدولة" من خلال منظور النخب البيضاء المحافظة المتحالفة مع رأس المال الكبير؛ شكَّل فوز ممداني في المقابل لحظة النقيض عبر إحياء تيار يساري تقدمي نابض بطاقات الشباب، يؤمن بالتعددية العرقية وقيم التنوع والاختلاف، ويرى ضرورة عودة العدالة الاجتماعية كمدخل لإعادة تعريف العقد الاجتماعي في المدن الأمريكية.
 
2. استعداد لتغيير ديناميكيات الحزب الديمقراطي: يرى مراقبون أن فوزه يعتبر انفتاحاً واضحاً على الجناح التقدمي اليساري داخل الحزب الديمقراطي. فقد فسَّر استراتيجيو الحزب والمعلقون النتيجة فوراً كدليل على استعداد قاعدة الحزب الحضرية لدعم بدائل أكثر شمولية ويسارية التوجه؛ لتحدي تيار الوسط المعتدل الذي فشل في مناهضة تيار ترامب الشعبوي. 
 
3. التركيز على القضايا المحلية: يعني فوز ممداني تغيراً في وجهات نظر وأولويات الناخبين فيما يخص السياسات المتعلقة بحوكمة المدن الحضرية، فبدلاً من تركيز الناخب الأمريكي على القضايا السياسية والانتماءات والولاءات الحزبية؛ أصبحت القضايا اليومية التي تمس الحياة المعيشية في صدارة الاهتمام؛ وهو ما انعكس في أجندة ممداني، التي شملت خططاً طموحة لتوفير السكن بأسعار معقولة، ومُقترحات لوسائل نقل عام منخفضة التكلفة أو مجانية، وتوسيع نطاق رعاية الأطفال، وتوفير الخدمات البلدية؛ ولاقت هذه الخطط صدى واسعاً لأن هذه القضايا ترتبط ارتباطاً مباشراً بالاقتصاد اليومي لسكان نيويورك.
 
4. تمكين الأقليات واحترام التنوع العرقي: يعكس فوز ممداني انفتاح الولايات المتحدة المتزايد على مفهوم "المواطنة متعددة الهُويات"؛ إذ إن ممداني يُعد أول مسلم وأول شخص من أصول جنوب آسيوية يشغل منصب عمدة نيويورك؛ ما يجعل فوزه يمثل نقلة فكرية في النقاش الأمريكي حول قيم الهُوية والانتماء، خاصة في ظل تصاعد خطاب اليمين الشعبوي. وبعبارة أخرى؛ فإن فوز ممداني سيفتح آفاقاً أوسع للإدماج السياسي وتطبيع الهويات المتنوعة للشباب والأقليات في المناصب العليا، وربما سيؤدي إلى زيادة المشاركة السياسية بين الفئات غير الممثلة تمثيلاً كافياً. 
 
5. تصاعد نزعة العدالة الاقتصادية: لطالما كانت نيويورك رمزاً للرأسمالية الأمريكية ومقراً للمنطقة المالية الأكبر في العالم "وول ستريت"؛ ومن ثم فإن فوز ممداني يرسل إشارة واضحة إلى أن النفوذ المالي لم يعد مطلقاً، ويمثل تتويجاً لصعود خطاب العدالة الاقتصادية والاجتماعية في الولايات المتحدة بعد جائحة كورونا؛ مُتبنياً خطاباً يركز على إعادة توزيع الثروة، ومكافحة ارتفاع تكاليف المعيشة، وتوسيع الخدمات العامة، مثل التعليم والإسكان والنقل؛ ما جعل خطابه يجد صدى واسعاً بين الطبقات العاملة والمتوسطة التي عانت من التفاوت الاقتصادي المتزايد.
 
وفي ضوء هذا، لا يمكن تأطير فوز ممداني على أنه نتيجة انتخابات محلية؛ بل يمثل إشارة قوية إلى تحول عميق في المشهد السياسي الحضري في الولايات المتحدة؛ حيث يجمع فوزه بين بعد تمثيلي رمزي - كونه أول مسلم وأحد أصغر العمد في تاريخ المدينة- وبين بعد براغماتي، يتمثّل في قدرة حملة تقدمية على تحريك قواعد انتخابية شابة ومتنوعة للاستحواذ على أغلبية الأصوات بمدينة لا تعرف سوى المصالح الاقتصادية وعالم المال. 
 
عوامل محفِّزة:
 
ثمة عوامل يعتقد المراقبون أنها وراء فوز زهران ممداني بانتخابات أكبر مدينة أمريكية، يمكن تناولها على النحو التالي: 
 
1. رسالة انتخابية جاذبة: تُشير التقديرات إلى أن حملة ممداني ركَّزت على ما سمَّاه "أزمة القدرة على تحمل التكاليف"، وقد لاقت هذه القضية صدىً عميقاً لدى سكان نيويورك من الطبقة العاملة والمتوسطة. فبينما ركَّز أندرو كومو على الجريمة والسلامة، ركَّزت حملة ممداني على رسالة بسيطة، وهي: "نيويورك أصبحت باهظة الثمن، وعلى الحكومة تسهيل الظروف المعيشية للمواطنين"؛ ما يؤشر على اهتمامه بالطبقات الكادحة في المدينة؛ وهو أمر يلقى صداً واسعاً بين الشباب ومتوسطي الدخل.  
 
2. توظيف جيد للإعلام الرقمي: اعتمدت حملة ممداني على استخدام المنصات الرقمية بفعالية، وخاصة منصتيْ "تيك توك" و"إنستغرام"، محاولاً الوصول إلى الناخبين الشباب بأقصى قدر ممكن، مُحقَّقاً تقدماً ثابتاً في السباق الانتخابي من خلال إنتاجه لسيل متواصل من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك مقابلات مع ناخبين أيّدوا ترامب في انتخابات 2024؛ حيث أدار ممداني حملة رقمية رائدة تحدث فيها بلغات متعددة مثل البنغالية والإسبانية والعربية.
 
3. أجندة انتخابية واضحة ومُتسقة: تُفيد التقديرات بأن الحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين عموماً أصبحت غير متسقة. فعلى سبيل المثال، كان أحد أكبر الانتقادات الموجهة إلى حملة وزير الخارجية والمرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون الرئاسية عام 2016، وحملة نائبة الرئيس والمرشحة الرئاسية السابقة كامالا هاريس الرئاسية عام 2024؛ هو أن الناخبين لم يتمكنوا من فهم ما يمثله كل مرشح وما هو مبرر ترشحه. في حين أن أجندة ممداني كانت واضحة، فحواها أنه شخصية تقدمية اشتراكية ديمقراطية لا تخشى الحديث عن فرض ضرائب على الأغنياء، وتوسيع نطاق رعاية الأطفال، وجعل السكن حقاً من الحقوق. 
 
وفي هذا الصدد، تقول صحيفة "ذا هيل" الأمريكية إنه "عندما يدعم ناخبو ترامب اشتراكياً ديمقراطياً؛ فهذا يعني أنه نجح في توصيل رسالة واضحة ومُتسقة". لقد نجح ممداني في تثبيت أجندته ومواقفه السياسية، فلم يغير رسالته طوال فترة حملته؛ ما أعطاه مصداقية عبر مختلف الشرائح السكانية في نيويورك.
 
4. فشل القيادات التقليدية في معالجة أزمات المدينة: واجهت نيويورك تحديات متراكمة مثل أزمة الإسكان، وتدهور الخدمات العامة، وارتفاع نسب الجريمة؛ ما أدى إلى تراجع الثقة في النخب السياسية التقليدية، وفي هذا السياق، قدّم ممداني خطاباً بديلاً ركّز على العدالة الاجتماعية والاقتصادية، واستعادة كرامة الطبقات العاملة. في المقابل، ركزت حملة أندرو كومو على خبرته المؤسساتية الواسعة، مُصوّراً نفسه على أنه المرشح الوحيد القادر على إنقاذ مدينة قال إنها خرجت عن السيطرة، مركزاً على مكافحة معاداة السامية، ومعتمداً على شهرته وعمليات جمع التبرعات الضخمة بدلاً من الاختلاط بالناخبين.
 
5. دعم التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي: إذا كان كومو يجسد الحرس القديم في الحزب الديمقراطي، فقد جسد ممداني الطاقة الجديدة التي تسري في الجناح اليساري للحزب؛ ما جعل حملته نقطة جذب للنشطاء والنقابات العمالية والمانحين ذوي التبرعات الصغيرة، وبالتوازي مع ذلك، حصل ممداني على دعم قوي من "منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين" (Democratic Socialists of America)، وكذلك شخصيات تقدمية بارزة مثل السيناتور بيرني ساندرز، والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز؛ مما أعطى حملته زخماً سياسياً ومؤسسياً كبيراً.
 
اختبارات صعبة:
 
رغم الزخم الإيجابي؛ فإنه من الخطأ الاعتقاد بأن فوز زهران ممداني بمثابة الانتصار النهائي بالنسبة له ولتياره اليساري، فالحقيقة أن تحديات متعددة الأبعاد قد تحول دون نجاحه في المنصب الجديد، وتتمثل في التالي: 
 
1. مقاومة التيار المحافظ: من المرجح أن يسعى المحافظون - بدءاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب-إلى تصوير رئيس البلدية المنتخب حديثاً على أنه تهديد اشتراكي، وأن سياساته وأولوياته ستؤدي إلى دمار أكبر مدن الولايات المتحدة وتشكل خطراً إذا تبنتها البلاد، كما يرجح أن تكون هناك حملات من تصيد الأخطاء وتهويل كل خطأ أو تراجع اقتصادي أو مالي وانتقاد أغلب السياسات، خاصة من جانب الماكينات الإعلامية التابعة للجمهوريين.
 
2. صدام بين رؤيتي ترامب وممداني: قبل الإعلان عن فوزه، حذَّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أنه قد يمنع إرسال التمويل الفدرالي إلى مدينة نيويورك؛ إذا فاز المرشح اليساري زهران ممداني، بمنصب عمدة المدينة، مُوضحاً أنه "سيكون من الصعب عليه كرئيس أن يمنح الكثير من المال لنيويورك؛ لأنه إذا كان هناك شيوعي يدير نيويورك، فإن فرصة نجاح المدينة صفر، حيث كل ما سيفعله هو إهدار الأموال التي ترسلها الحكومة الفدرالية".
 
3. صعوبة التوازن بين الطموح والواقع: يرى مراقبون أن بعض سياسات ممداني التي يروِّج لها مثل "الحافلات المجانية" بعيدة عن الواقع ومن الصعب أن تُستدام؛ حيث تصطدم أفكاره بما في ذلك فكرة "الحافلات المجانية" وتوسيع نطاق الإسكان ميسور التكلفة، وإنشاء متاجر بقالة مملوكة للمدينة، بمحدودية الميزانية والقيود المالية والبيروقراطية؛ إذ تحتاج مثل هذه الأفكار إلى تمويل ضخم وتنسيق تشريعي. وعلى هذا النحو، يمكن القول إن الفوز الحقيقي لـممداني سيكون في قدرته على تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية خلال السنوات المقبلة. 
 
4. الحاجة إلى مزيد من التوافقات والدعم: نجح ممداني في حشد الناخبين الشباب والتقدميين والمهاجرين بشكل فعَّال للغاية، غير أن التحليلات تُشير إلى أن دعمه بين بعض الشرائح الرئيسية - مثل كبار السن، والديمقراطيين الأكثر اعتدالاً، وبعض شرائح الملونين- قد يكون أقل قوة؛ إذ يتطلب حكم مدينة متنوعة ومعقدة مثل نيويورك تحالفات أوسع وتوافقات أكبر. ويُلاحظ أن التحدي الأكبر لممداني هو أن المؤسسة الديمقراطية لا تزال تتعامل معه بحذر، فعلى الرغم من إشادة كبار الديمقراطيين بحملته مثل زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية نيويورك تشاك شومر؛ فإنهم غير مستعدين لدعمه بشكل كامل بسبب انتقاداته السابقة لأجهزة إنفاذ القانون، واستخدامه كلمة "إبادة جماعية" لوصف أفعال الحكومة الإسرائيلية في غزة، ووصفه بـ"الاشتراكي الديمقراطي".
 
5. مقاومة مجتمع الأعمال والعقارات: نظراً لمقترحاته (زيادة الضرائب على الأثرياء، وتشديد الرقابة على ملاك العقارات، وتجميد الإيجارات)، يواجه ممداني بالفعل معارضة كبيرة من مجتمع الأعمال والجهات الفاعلة في قطاع العقارات والمستثمرين. وقد تعوق مقاومة هذه الجهات المؤثرة تنفيذ السياسات، وتقلل من الاستثمار، وتجعل توليد الإيرادات أكثر صعوبة.
 
تداعيات مُحتملة: 
 
لا شك في أن فوز ممداني ستكون له تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية، يمكن تناولها على النحو التالي: 
 
1. التداعيات السياسية: من المتوقع أن فوز ممداني سيؤدي إلى احتمال تنامي التيار اليساري داخل الحزب الديمقراطي، مع ترجيحات بأن التيار التقليدي الوسطي داخل الحزب سيواجه ضغطاً متزايداً من قبل التقدميين الذين يرون في فوز ممداني تأكيداً لمواقفهم.
 
وعلى صعيد السياسة الخارجية، فإن فوز ممداني يُنظر له على أنه اختبار إضافي لتحديد العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فقد يزيد فوزه الضغط على الديمقراطيين التقليديين لتوضيح موقفهم من إسرائيل وللتأقلم مع هذا الخطاب المناهض لها أو مواجهته، أو على أقل تقدير سيفتح فوزه الباب أمام المدن الكبرى في الولايات المتحدة للمطالبة بإعادة تقييم أوسع حول العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، بما في ذلك مستقبل التمويل والمساعدات العسكرية لإسرائيل. 
 
2. التداعيات الاقتصادية: أثار فوز ممداني مخاوف مجتمع الأعمال ورواد قطاع العقارات في الولاية؛ حيث اعتبر هؤلاء أن حملة ممداني كانت بمثابة صراع بين الطبقة العاملة والمليارديرات، مع تقديرات تُفيد بأن بورصة وول ستريت "تستعد للتغير" نظراً لأن برنامج ممداني يتضمن زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، وإنشاء متاجر بقالة مملوكة للمدينة، وتوسيع الخدمات العامة، إضافة إلى وجود توقعات تُنذر بأنه إذا زادت الأعباء الضريبية واشتدت اللوائح بشكل كبير؛ فقد تعيد الشركات تقييم قراراتها المتعلقة بوجودها في مدينة نيويورك؛ ما يثير تساؤلات عن القدرة التنافسية للمدينة باعتبارها إحدى أهم المدن المالية في العالم.
 
ويُتوقع أن تكون سياسات ممداني في نيويورك "تقدمية" من حيث النبرة: مثل تجميد الإيجارات، خدمة حافلات مجانية، ضرائب أعلى على الأثرياء، وتعزيز الإسكان الميسّر. كلّ هذا يمثل اختباراً لقدرة المدينة على تمويله وإدارته. مع ذلك، التنفيذ العملي سيكون مرهوناً بالقيود المالية والبُنى المؤسسية: الميزانيات، التزام الدولة والحكومة المحلية، مقاومة لوبيات الأعمال أو العقارات. وإذا فشل التنفيذ أو تراجع الدعم؛ فإن الدلالة الرمزية للفوز قد تتضاءل.
 
3. تداعيات اجتماعية: يمثل انتخاب ممداني - كشاب مسلم من أصول مهاجرة- أحد أبرز التغيّرات في القيادة الحضرية الأمريكية؛ حيث يحمل دلالة رمزية قوية بالنسبة للأقليات والمهاجرين، وقد يُحفّز على مزيد من مشاركتهم السياسية في الانتخابات القادمة؛ وهو أمر يصب في صالح مكانة الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي عام 2026. 
 
ختاماً، يمكن القول إنه إذا نجح ممداني في تحويل وعوده إلى واقع؛ أي تحقيق خفض ملموس في تكلفة المعيشة، وتحويل السياسات لإسكان أفضل واتجاهات ضريبية أكثر عدالة، دون فقدان الاستقرار الاقتصادي؛ فإن فوزه قد يُؤدّي إلى نموذج مدينة تقدمية جديدة تحتذي بها مدن أمريكية أخرى، في حين أنه إذا واجه صعوبات تنفيذية أو مقاومة قوية، فقد يُصبح انتصاره مجرد لحظة رمزية بدلاً من نقطة تحول مستدامة. ولكن ستبقى الحقيقة واضحة في كل الأحوال وهي أن فوزه بمثابة "الفوز المعاكس" الأكثر زخماً وتطرفاً من فوز التيار الشعبوي اليميني بقيادة ترامب؛ ما يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تدور في فلك الاستقطاب السياسي الحاد.