• اخر تحديث : 2024-04-24 13:38
news-details
مقالات مترجمة

قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها في 14 أيار/مايو يهدف الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إعادة مليون مهاجر سوري إلى الوطن والتصالح مع نظام دمشق.

يدير يوسف كشكًا صغيرًا من الخشب والبلاستيك يبيع فيه شطائر البيض والبصل والبطاطا المقلية لأول الوافدين. لقد استقر هنا، في نهاية الطريق الطويل والمستقيم الذي يربط غازي عنتاب بسوريا، منذ ما يقرب من عشر سنوات حتى الآن. في الثلاثينيات من عمره، لا يتحدث سوى بضع كلمات من التركية، لكنه سعيد بوجوده على هذا الجانب من الحدود. دفعته الحرب و"القمع الممنهج" لنظام بشار الأسد إلى عبور خط الجبهة البالغ 900 كيلومتر الذي يفصل تركيا عن سوريا. واليوم، لم يعد بإمكانه الانتقال من بلدته الحدودية الصغيرة كيليس التي تم تخصيصها مثل جميع اللاجئين السوريين منطقة سكنه. يتظاهر بعدم الشكوى. لقد قال فقط إنه مصمم على عدم العودة.

كانت تهدف العملية العسكرية ـ منذ دخول الدبابات التركية إلى سوريا لأول مرة قبل ست سنوات ـ إلى صد "مليشيا" وحدات حماية الشعب (YPG) الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، لكن مع مرور الوقت والتدخلات المتعددة تغيرت الأمور إلى مهمة تؤثر عمليًا على كل مجالات الأمن والحياة اليومية لحوالي مليوني سوري يعيشون في الجيوب الثلاثة التي تسيطر عليها قوات أنقرة. يدفع الناس هناك بالعملة التركية، ويتم علاجهم في المستشفيات التركية، ويستخدمون الكهرباء التركية، ويتعلم أطفال المدارس اللغة التركية كلغة ثانية.

 منذ ستة أشهر، لم ترحب تركيا باللاجئين السوريين على أراضيها، وأضحى المخيم أونشوبينار الذي بُني على عجل في العام 2012، فارغًا. يقع هذا المخيم مقابل جناح يوسف على مساحة تزيد عن 60 هكتارًا، وتم اخلاؤه بالكامل صيف العام 2019. وكانت السلطات قد أشارت رسميًا إلى ارتفاع تكاليف التشغيل وآفاق اندماج السوريين في المجتمع التركي خارج المخيمات. ووفقًا للمحلل السياسي في مؤسسة أبحاث السياسة الاقتصادية التركية عمر كادكوي فإن القرار لا يتعلق برغبة الحكومة في تطوير سياسة اندماج حقيقية بقدر ما يتعلق بوضع سياق لعودة محتملة للاجئين في سوريا.

لقد عانت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان في آذار/مارس وحزيران/ يونيو العام 2019 من انتكاسة كبيرة في الانتخابات البلدية؛ إذ خسرت كل مجالس المدن في المدن الكبرى تقريبًا. وعزا العديد من أعضاء الائتلاف الحكومي هذا الفشل على سياسة اللاجئين السخية التي وضعتها السلطات. وتستضيف تركيا حوالي 3.6 مليون سوري، يتمتع ثلاثة أرباعهم بوضع الحماية المؤقتة أكثر من أي بلد آخر على خلفية الأزمة الاقتصادية والنقدية، والأعمال العدائية المتزايد ة بشكل واضحة تجاه اللاجئين، تتشدد الأحزاب السياسية التركية كلها تقريبًا في موقفها ضد المهاجرين، لاسيما ائتلاف المعارضة الذي يهيمن عليه القوميون. وأعلن أردوغان الذي تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي عن خطة عودة طوعية لما لا يقل عن مليون سوري في أيار/مايو 2022، أي قبل عام من الانتخابات الرئيسة له ولحزبه.

بعد ثلاثة أشهر حصل التحول الدبلوماسي 180 درجة: من دعم رئيس للمتمردين الذين يسعون إلى لإطاحة بالأسد منذ العام 2011 إلى اعلان الرئيس التركي استئناف الحوار مع نظام دمشق، قائلاً إنه منفتح على لقاء مع نظيره السوري.

يشرح المتخصص في السياسة الخارجية التركية والمؤسس المشارك لـ Noria Research يوهانان بنهايم أنه "حتى ولو كان الجميع يعلم باستحالة إعادة جميع السوريين إلى وطنهم، لأن دمشق لا تريد حتى أن تسمع عن ذلك، فإن أردوغان يسحب البساط من تحت أقدام المعارضة من خلال الضغط على اللاجئين"، مشددًا على عودة ظهور رئيس الدولة في استطلاعات الرأي.

يوجد في غازي عنتاب فقط الآن أكثر من مئة ألف دعوى للطرد في المحاكم، وفي نهاية تِـشْرِين الأول /أكتوبر 2022 كتب الرئيس التركي، في تغريدة لمناسبة العام الجديد أن حوالي 500 ألف سوري عادوا طواعية إلى سوريا في المناطق التي قال إن بلاده قامت بتأمين أمنها. سقطت في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ثلاثة صواريخ أطلقت من سوريا داخل المخيم الخالي من اللاجئين، مما أدى إلى إصابة ستة من رجال الشرطة الأتراك وجندي. واتهمت السلطات على الفور وحدات حماية الشعب الذي يبعد خطه الأمامي أكثر من ثلاثين كيلومتراً. قال شاب سوري للصحيفة رفض ذكر اسمه قبل أن يركب سيارة أجرة: "الدليل على أن المنطقة ليست آمنة حقًا التوترات عالية ولا أحد يعرف كيف ستنتهي كل المفاوضات، لكن إذا أُجبرت على العودة، سأفكر لأول مرة في الذهاب إلى أوروبا...جرائم الإرهاب، المخدرات، وجرائم القانون العام، والمضايقات أو الاضطرابات في المجتمع: احتمالات الملاحقة القضائية عديدة ويمكن أن تنخفض بسرعة".