كتب الباحثان الإسرائيليان ميكي أهارونسون وأيمن منصور مقالة في موقع "المونيتور" الأميركي قالا فيها إن إحدى التحديات الأولى للحكومة الإسرائيلية الجديدة تتمثل في الأزمة المستمرة في قطاع غزة إذ أنه من غير المتوقع أن يتغير سلوك حركة حماس كثيراً في المستقبل. ووجها نصائح وتوصيات للحكومة الإسرائيلية للاستفادة من دروس عدوان "حارس الأسوار" الأخير، من أجل تجنب تكرار الأخطاء نفسها وتوقع نتيجة مختلفة، ووضعا قائمة "لإسرائيل" تتضمن الدروس التالية:
الدرس الأول: ينبغي التفاوض بحذر مع الوسيط المفضل في أسرع وقت ممكن. إقليمياً، كان هناك طرفان متنافسان يحاولان التوسط في وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" و"حماس". المصريون، الذين تحدثوا للطرفين في التصعيد السابق، والقطريين، الذين دعموا "حماس" علناً لسنوات، من خلال تزويدها بالأموال - إما بموافقة إسرائيلية أو سراً من خلال تسهيل تحويل الأموال.
وأضاف الكاتبان أنه على الرغم من استياء مصر من "حماس" كفرع من جماعة الإخوان المسلمين، فقد خلق الصراع في غزة فرصة نادرة كي يكون لكل من مصر و"حماس" مصلحة مشتركة في إنهاء القتال، كل لأسبابه الخاصة. ترى مصر أن كل نزاع مسلح بين "إسرائيل" وحماس هو سبب محتمل لاضطراب داخلي في أراضيها. ينبع هذا من اتفاق السلام المثير للجدل مع "إسرائيل" ومن احتمال أن يدعم الصراع موقف الإخوان المسلمين، العدو اللدود للحكومة المصرية.
من ناحية أخرى، ترى قطر - راعية جماعة الإخوان المسلمين - المواجهة بين "إسرائيل" وحماس على أنها فرصة لوضع نفسها كوسيط سلام، وفي الوقت نفسه منع المزيد من الضرر لحركة حماس. ورأى التقرير أنه لم يتم اختبار الكفاءة المصرية والقطرية في المراحل الأولى من الصراع الأخير عندما هددت حماس علانية باستهداف القدس. كان من الممكن أن يساعد استخدام نفوذها على حماس في إنشاء جبهة عربية ضد التصعيد الذي تقوده حماس ومنع - أو تقصير - الصراع المسلح الذي استمر 11 يوماً.
الدرس الثاني: عدم الابتزاز. يزعم التقرير أنه في كل مرة أرادت حماس زيادة حصولها على السيولة النقدية، بدأت بإطلاق النار على "إسرائيل". فالأموال القطرية بدأت في الوصول إلى قطاع غزة - بموافقة "إسرائيل" - بعد قصف كبير للإسرائيليين في تشرين الثاني / نوفمبر 2018. وعندما أدركت حماس نجاحها، كررت هذا الإجراء. وأضاف التقرير أنه يجب على "إسرائيل" أن تثبت لحماس أن أي خرق لوقف إطلاق النار سيتم الرد عليه من خلال استعراض مكثف للقوة يركز على المنشآت العسكرية، ومنشآت البحث والتطوير، ومصانع إنتاج الصواريخ، ومراكز القيادة والسيطرة، والقيادة السياسية والعسكرية. ينبغي الالتزام بالمبدأ المتمثل في منع الأضرار الجانبية قدر الإمكان.
الدرس الثالث: دعا التقرير إلى عدم التوقع من "حماس" أن تفي بوعودها. بعد عملية "الجرف الصامد" عام 2014، التزمت حماس بوقف تهريب الأسلحة إلى غزة وعدم إعادة بناء البنية التحتية العسكرية في مقابل موافقة "إسرائيل" ومساعدتها في إعادة تأهيل القطاع. وقد أثبتت القذائف المستمرة على الإسرائيليين منذ ذلك الحين عكس ذلك. يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن تبرير وجود حماس هو رواية المقاومة، وستفعل كل ما يلزم لمتابعة هذه الرواية.
الدرس الرابع: اكتشاف الفرص لتقويض حماس. دعا التقرير إلى بث الفتنة بين حزب الله وحماس إذ إن "إسرائيل" لم تستغل الخلاف بينهما بشأن الحرب السورية لتوسيعه، كما لم تستكشف إمكانية الوصول إلى تفاهمات غير مباشرة مع حزب الله عبر محاورين دوليين مثل روسيا. إن فائدة مثل هذه التفاهمات من وجهة نظر إسرائيلية هو الهدوء على طول حدودها الشمالية من خلال وضع "قواعد لعبة" مؤقتة لكنها مقيدة من شأنها أن تقلل من الاستفزازات من الأراضي اللبنانية واحتمال الاضطرار إلى مواجهة جبهتين في نفس الوقت.
الدرس الخامس: لا تأخذ شركاءك الإقليميين كأمر مسلم به. عندما يتعلق الأمر بالدعم الإقليمي، فإن الجهود الدبلوماسية مطلوبة لتعزيز التعاون. وتشمل هذه الاتصالات بين كبار صانعي القرار والشركاء الإقليميين من أجل شرح وتنسيق خيارات السياسة. إن عدم إجراء مثل هذه المحادثات، على الأقل ليس علناً، مع حلفاء جدد صريحين مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب خلال جولة القتال الأخيرة، لا يبشّر بالخير لصياغة روايات إقليمية موالية لـ "إسرائيل" أو للتعاون في المستقبل في مجال الأمن.
الدرس السادس: لا تأخذ دعم أصدقائك كأمر مسلم به كذلك. ظهرت الولايات المتحدة - على الرغم من نشرها رسائل غامضة وذات نتائج عكسية في البداية ("جميع الأطراف") - كمؤيد قوي لـ "إسرائيل" من خلال منع اتخاذ قرار مناهض لها في مجلس الأمن التابع الدولي، ومن خلال الوعد بتجديد ترسانتها من القبة الحديدية ومن خلال التأكيد "على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس". يجب رعاية هذه السياسة، لا سيما عندما تكون هناك في الخلفية دعوات متزايدة (ليس فقط) تقدمية لإعادة تقييم الدعم من الحزبين لـ "إسرائيل"، من أجل تأمين الدعم للجهود العسكرية الإسرائيلية المستقبلية ضد حماس في غزة (والضفة الغربية). ويجب على "إسرائيل" صياغة رؤية مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن الخطوات الفورية المطلوبة لتعزيز شرعية السلطة الفلسطينية المتآكلة بين الفلسطينيين.
الدرس السابع: فهم ما يؤذي حماس. على سبيل المثال، رفضت شركة الكهرباء الإسرائيلية، في البداية، إصلاح خطوط الكهرباء إلى قطاع غزة من أجل الترويج لعودة الجنود والمدنيين الإسرائيليين المفقودين. إن لقطات سكان غزة من دون كهرباء هي أداة دعائية لحماس. كما أن الرواية الشائعة في غزة - وكذلك في الضفة الغربية والقدس - هي أن "إسرائيل" هُزمت على يد حماس.. يتعلق الأمر بفهم ما يمكن أن يلحق الأذى بالحركة، مع التركيز على القنوات السرية التي تموّل جناحها العسكري.
الدرس الثامن: دعا المقال إلى "قتل عصفورين بحجر واحد بقطع أي صلة بين حماس والقدس والتأكيد على أهمية الدول العربية المعتدلة في الحفاظ على سلامة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في المدينة. فالدول العربية المعتدلة لها أهمية كبيرة بالنسبة لـ "إسرائيل" وهي حساسة للغاية للتغيرات في الوضع الراهن في القدس. يجب أن تؤكد "إسرائيل" أن الأردن - كما جاء في اتفاقية السلام لعام 1994 - هو الوصي على الأماكن الإسلامية المقدسة في الحرم القدسي، وليس حماس (ولا السلطة الفلسطينية كذلك). مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمغرب ودول أخرى بحاجة لأن يتم تصويرها لجماهيرها المحلية على أنها تحافظ على المصالح الدينية بينما تضرها حماس.
الدرس التاسع: أخذ زمام المبادرة. زعم التقرير أنه على الرغم من تراجع الأهمية الإقليمية للقضية الفلسطينية خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن هذه القضية لن تختفي وستستمر في خلق توترات بين "إسرائيل" وجيرانها. وقال إنه "لا ينبغي لإسرائيل أن ترد فقط على الإجراءات الفلسطينية الدولية، بل يجب أن تبدأ بإجراءات من شأنها تحسين حياة الفلسطينيين وزيادة إمكانية الترتيبات المستقبلية مع "إسرائيل".