تؤكد الدراسات والوقائع الاقتصادية العالمية أنه مع اقتراب الخروج من أزمة أو حرب أو كارثة أو ...إلخ لأي دولة يكون الهم الاقتصادي هو الهمّ الأول، وسورية تتعرض ومن أكثر من عشر /10/ سنوات لحرب كونية مدمرة، ولكننا بدأنا نتلمس معالم الانتصار فيها وإن لم تنته بعد، ولذلك فإنّ السؤال المطروح أمامنا وبكل واقعية هو ما الفرص المتاحة للخروج من تداعيات الحرب وعودة المؤشرات الاقتصادية إلى ما كانت عليه قبل الحرب؟، وهذا يتطلب منا الإجابة المباشرة على أي نهج وطريق اقتصادي يجب أن نعتمد؟ ومن أين نبدأ؟ وما هو القطاع أو القطاعات الرائدة؟، وكيف نحقق أعلى قيم مضافة لاقتصادنا الوطني؟ وكيف يتمّ الموافقة والتناسب بين التخطيط الإقليمي والكلي؟ وكيف نزيد من معدل الاستثمار؟ وكيف نحقق أعلى مردودية لليرة السورية في الجانب الإنتاجي والخدمي ....إلخ؟،
أسئلة وأسئلة كثيرة تضمنها خطاب القسم وشعار المرحلة القادمة ( الأمل بالعمل ) وتوجيهات السيد الرئيس الدكتور ( بشار الأسد )، وبقراءة واقعية لاقتصادنا ومكوناته فإنه يمكن القول أننا نمتلك الكثير من الإمكانيات للإجابة على هذه الأسئلة السهلة الممتنعة، والخطوة الأولى تبدأ بطرد المحتلين ومن ثم وضع خارطة اقتصادية لتحويل مساحة سورية البالغة /18٥518/ ألف هكتار بأكملها لتصبح مراكز نمو حقيقة بمحافظاتنا البالغ عددها /14/ ومدننا البالغة /157/ مدينة وبلدياتنا البالغ عددها /757/ بلدية حسب المجموعة الإحصائية السنوية لسنة 2020، أي الاستغلال الأمثل لكل متر مربع متاح، ومن ثمّ الاستفادة من كل جهد مشتغل من المشتغلين والبالغ عددهم /3،710،740 /، واختيار الفرص الأفضل من بين البدائل الممكنة وبما يتناسب مع مواردنا الكثيرة لكن للأسف ذات الإيرادات القليلة في ظروف ذاتية وموضوعية صعبة، ونحن متفائلون بالمستقبل لأن اقتصادنا متنوع من زراعة وصناعة وخدمات ولدينا موقع جغرافي ممتاز وخبرات متراكمة وبنية تحتية مقبولة وطاقات بشرية متميزة وعلاقات دولية صادقة ولا سيما مع الدول الشرقية ...إلخ، ولذلك نقترح لتحقيق رؤوس المربع الاقتصادية الذهبية وهي (زيادة معدل النمو وقيمة الناتج وتخفيض معدل البطالة والتضخم) الانطلاق من تفعيل عمل قطاع الإنتاج المادي من زراعة وصناعة والقطاع الخدمي المخدم لهما بأعلى كفاءة ممكنة، وأن نضع رؤية اقتصادية تجيب بلغة رقمية على الأسئلة الأربع التالية التي تشكل جوهر أية منظومة اقتصادية على الصعيدين الاقتصاد الكلي والجزئي (Macr0&mecri Economic ) وهي ماذا ننتج؟ أي الاعتماد على الموارد المحلية وتحويل المزايا النسبية إلى تنافسية، وكيف ننتج؟ من خلال تحديد واعتماد الأسلوب الإنتاجي المناسب بالجمع بين التقنية والخبرة البشرية المناسبتين، ومتى ننتج؟ أي مراعاة تنظيم الزمن وإدارته وتحقيق الأهداف المطلوبة بتوفر شرطي المعادلة الإنتاجية المثلى وهما أقل وقت وتكلفة وأحسن نوعية؟ ولمن ننتج؟ أي أن يكون الإنتاج حسب الطلب لتجنب تحول المنتجات إلى المستودعات لأن كل إنتاج لا يسوق هو عبء على الإنتاج وهو مخزون أي رأسمال مجمد يتعرض لمشاكل التخزين من حرق وسرقة وعطب وبطلان وزيادة في التكلفة؟ وكل هذا يحتاج إلى حكومة قوية تنموية وليست فقط وصائية، ونرى اقتصادياً أن هذا يتطابق مع مفهوم ( رأسمالية الدولة ) أي دولة تعتمد المؤشرات الاقتصادية دون نسيان الاعتبارات الاجتماعية والمجتمعية، وفي هذه الحالة يعمل كل من التخطيط والاقتصاد المركزي (خطة الدولة) واقتصاد السوق عن طريق الفعاليات الاقتصادية الخاصة (القطاع الخاص والمشترك)، وبعدها ننتقل إلى تحديد هويتنا الاقتصادية، وهنا قد يختلف الكثير من الاقتصاديين معي في هذا التحليل وهذا حقهم وأحترم كل الآراء، ولكن تبقى قناعتي أن علم الاقتصاد هو علم مهني رغم الأهمية الإيديولوجية له فهو علم تكوين الثروات المجتمعية وبما ينعكس قوة على المجتمع والمواطن و خزينة الدولة لأن (خزينة الدولة هي جيوب رعاياها)، وعنده نضمن الاستغلال الأمثل لمواردنا المتاحة وخلق فرص عمل جديدة أي تقليل معدل البطالة وبالتالي زيادة الدخل وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، فهل نبدأ من فرصنا المتاحة هذه من أرضنا ومعاملنا ومصانعنا وللقطاعين الحكومي والخاص والمشترك؟، ونشير هنا إلى أن تكلفة فرصة العمل في الزراعة والصناعة أقل من غيرهما وأكثر مردودية، وبعد ذلك ننتقل لوضع خارطة اقتصادية لكل مواردنا المتاحة والكامنة.