نشر موقع "ذا ناشيونال نيوز" مقالاً يقارن فيها بين خطوة الإدارة الأميركية في الانسحاب من العراق وأفغانستان، واستعرض مخاطر هذه الخطوة على الإدارة الأميركية، وفيما يلي النص المترجم:
الرئيس عازمٌ على سحب القوات الأميركية بكل سريع خشية أن يعيد تنظيم داعش توحيد صفوفه.
تماماً كما حدث في أفغانستان، يغامر بايدن بقرار إنهاء العمليات القتالية الأميركية في العراق بحلول نهاية عام 2021. بعد 20 عاماً من مشاركةٍ أثارت الجدل والخلاف في الداخل الأميركي، ومن المفهوم أن يكون هناك رغبة لدى الإدارة الجديدة في تقليص مشاركتها في "الحروب الأبدية" لأميركا.
على عكس قرار سحب القوات العسكرية بالكامل من أفغانستان، تعتزم إدارة بايدن تقليص وجودها العسكري في العراق مع إبقاء عددٍ من قواتها لتقديم المساعدة والتدريب لقوات الأمن العراقية لفي مواجهتها للتحديات الأمنية.
هذا الإعلان، أعقب اجتماع بايدن مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في البيت الأبيض، هو تأكيد لسياسة إدارته بفك ارتباط الولايات المتحدة بالتدخلين العسكريين الرئيسيين في افغانستان والعراق إثر هجمات 11 من أيلول/سبتمبر في العام 2001.
ستركز الوحدة الأميركية المتبقية في العراق جهودها على أداء دور استشاري، سيكون أحد أهدافها الأساسية عدم السماح لمقاتلي "داعش" بتشكيل تهديد على الحكومة العراقية، كما وقع في المرة الأخيرة التي سحبت فيها واشنطن قواتها العسكرية من البلاد.
وفي هذا الإطار،علّق بايدن في وقت سابق قائلاً: "أعتقد أن الأمور تسير على ما يرام. سيكون دورنا في العراق مواصلة التدريب والمساعدة والتعامل مع داعش لكننا لن نكون، بحلول نهاية العام، في مهمة قتالية، نحن ندعم تعزيز الديمقراطية في العراق ".
أحد الفوارق الرئيسية في نهج بايدن بين العراق وأفغانستان، هو أن الحكومة الأفغانية كانت حريصة على أن تحافظ واشنطن على وجودها العسكري، بينما أرادت الحكومة العراقية تقليص القوات الأميركية لعملياتها العسكرية.
كذلك تطالب الجماعات المعارضة بانتظام بسحب القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، خاصة بعد الاشتباكات الأخيرة مع القوات الأميركية. كذلك تأمل إدارة بايدن أن ينعكس الإعلان بعض الاستقرار السياسي لبغداد قبل الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ومع ذلك، بعد أن أمضى معظم العقدين الماضيين غارقاً في الشؤون العراقية، فإن بايدن على دراية بصعوبات تحقيق التوازن الصحيح بين الأمن والاستقرار في العراق.
وبالعودة إلى عام 2002، قبل أشهر قليلة من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، صوّت بايدن ( رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ آنذاك)، لصالح السماح باستخدام القوة ضد الرئيس العراقي صدام حسين.
وظهر لاحقاً في أحدى الصور وهو يقف جنباً إلى جنب مع الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش بالبيت الأبيض عندما وقع القرار.
أصبح بايدن فيما بعد من أشد المنتقدين لطريقة تعامل إدارة بوش مع الصراع، وعندما اختارت إدارة أوباما التالية إنهاء التدخل العسكري لواشنطن في العراق، تم تكليف بايدن ، كنائب للرئيس، بسحب 150 ألف جندي أميركي من العراق.
يمكن القول إن التسرع غير اللائق في الانسحاب ، مع عدم إيلاء اهتمام كافٍ للمؤسسات السياسية الهشة في العراق، أدى إلى ظهور داعش صيف عام 2014، وسيطر حينها على مساحات شاسعة من شمال العراق، وهدد باجتياح بغداد.
كذلك وضعت إدارة أوباما في موقف محرج يومذاك، التي اضطرت إلى نشر قوات مقاتلة مرة أخرى للقضاء على ما يسمى بخلافة "داعش" في العراق وسوريا.
في الوقت الحالي، هناك ما يقدّر بنحو 2500 جندي أميركي في العراق، وبينما رفض المسؤولون الأميركيون الإفصاح عن كيفية تغيير هذا العدد بعد إعلان الرئيس، فإن التوقعات هي أن القوة ستكون هي نفسها تقريباً.
علاوة على ذلك، يحرص بايدن على توسيع العلاقات الأميركية العراقية بعيداً عن تركيزها السابق على عمليات الأمن ومكافحة الإرهاب لتشمل قضايا ثنائية أخرى، مثل التعامل مع جائحة كوفيد -19. في هذا السياق، التزمت واشنطن بتزويد البلاد بـ 500 ألف جرعة من لقاح "فايزر".
ومع ذلك، حتى في حال احتفاظ واشنطن بوجودها في العراق، فإن مبادرة بايدن لا تخلو من المخاطر، لأسباب ليس أقلها التهديد الذي يشكله داعش، حيث تنعكس قدرة التنظيم على إعادة توحيد صفوفه بعد الهزائم المدمرة التي عانى منها منذ سنوات في الإعلان في وقت سابق من هذا الأسبوع عن قيام روسيا بتعزيز قوتها القتالية في طاجيكستان وتدريب جنود محليين بسبب مخاوف من انتقال مقاتلي "داعش" إلى أفغانستان المجاورة.
يثير قرار بايدن أيضاً تساؤلات حول توسيع نفوذ طهران هناك، والرئيس الأميركي يدرك جيداً المخاطر ويتخذ الاحتياطات اللازمة لضمان ألا يعيد التاريخ نفسه.