• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
مقالات مترجمة

"يديعوت أحرونوت": أمام ثلاث جبهات


صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية تقول إن على "إسرائيل" ملاحظة المحور الرابط بين ساحات التوتر، التي كما قلنا تجري على خلفية منفصلة، لكن اللاعبين المركزيين فيها يعكسون منطقاً متشابهاً بل ويوجد بينهم نقاش وإجراءات تعلّم مشتركة. فيما يلي نص المقال المنقول للعربية:

تواجه "إسرائيل" في الأشهر الأخيرة ثلاث "بؤر توترٍ" أمني مركزية: قطاع غزة؛ لبنان وإيران (خصوصاً في سياق منطقة الخليج). التوتر في الجبهات الثلاث تطور على خلفية منفصلة، لكنه ينطوي على قاسمٍ مشترك على شاكلة جرأة زائدة من جانب أعداء "إسرائيل"، ومحاولة حذرة منهم لإعادة صياغة قواعد اللعبة في مواجهة "إسرائيل".

التعبير الأول عن ذلك كان عملية "حارس الأسوار" التي بادرت فيها "حماس" لأول مرة إلى معركة عسكرية واسعة، وهذا من دون توترٍ مسبق في قطاع غزة بل ردّاً على ما يجري في القدس. في السياق الإيراني، برز مؤخراً استهداف سفن في منطقة الخليج، التعبير الأخير عن المنحى المذكور جاء في إطلاق حزب الله القذائف الصاروخية إلى شمال "إسرائيل" في أعقاب هجوم (قصف وغارات) للجيش الإسرائيلي، وهذا لأول مرة منذ سنة 2006.

تراكم الأحداث يمكن أن يدل على تغييرٍ يتشكّل في منطق أعداء "إسرائيل"، الذين اعتمدوا في السنوات الأخيرة كبحاً عميقاً خشية الوقوع في تصعيدٍ واسع.

هذا التغيير يجري في أعقاب متغيرات في النظامين الإقليمي والدولي، وعلى رأسها: إدارة جديدة في الولايات المتحدة تُعتبر في نظر كثيرين في الشرق الأوسط أنها تُظهر حماسة أقل من سابقتها لاستخدام القوة في المنطقة؛ تركيز "إسرائيل" على أزمة الكورونا والعقدة السياسية الداخلية المستمرة؛ وضعف ومخاوف أبداهم العالم العربي السنّي، من بين جملة أمور بعد تقديره أن واشنطن لا توفر له دعماً مستقراً كما في الماضي.

الجرأة التي تُبديها حماس وحزب الله وإيران لا تعني الفقدان الكامل للردع الإسرائيلي وإظهار استعدادٍ لمواجهة شديدة القوة معها. إنها تجربة وخبط عشواء الغاية منهما فحص كيف يمكن إنتاج هامش عمل يمكّن من احتكاكٍ مع "إسرائيل" والرد على عملياتها، من دون الوصول إلى مواجهة شاملة معها. ما يشبه "معركة بين الحروب" من صنع معسكر المقاومة ويتجلّى بشكلٍ مختلف في كل ساحة: في قطاع غزة بواسطة إرهاب البالونات؛ في الخليج في الاستهداف المستمر للسفن؛ وفي لبنان بواسطة قصفٍ متقطع، لا زال من غير الواضح ما إذا كان عرضًا شاذا أم نمطاً متكرراً.

الأطراف الثلاثة يقومون بمتابعة عن كثب لردود أفعال "إسرائيل" والساحة الإقليمية والدولية على الاحتكاكات المختلفة، ويبدو أن لديهم انطباع بأنها لم تعد [الردود] قوية كما في الماضي.

في عملية "حارس الأسوار"، صحيح أن "حماس" تلقّت ضربة عسكرية مهمة، لكنها سجلّت إنجازاتٍ استراتيجية على شاكلة تعزيز صورتها في الداخل.

إيران لم تتلقّ ضرراً مهماً في أعقاب خطواتها العدوانية في الخليج (الحوار بينها وبين المجتمع الدولي في موضوع النووي مستمر، وممثلو الاتحاد الأوروبي حضروا أداء رئيسها الجديد لليمين). وإطلاقات القذائف الصاروخية من لبنان لم يُردّ عليها بضربة إسرائيلية شديدة أو بانتقادٍ دولي شديد (ولو رافقها انتقاد شديد ضد حزب الله داخل لبنان).

تراكم الأحداث يفرض فحصاً للطريقة التي ترى فيها "إسرائيل" منطق أعدائها وتقديرها لأنشطتهم. في هذا السياق تتبدّى منذ عدة أشهر فجوة بين التقدير الإسرائيلي، وبحسبه هؤلاء مردوعون ويسعون بكل قدرتهم للحفاظ على تهدئة مع إسرائيل – من بين جملة أمور على خلفية مشاكلهم الداخلية (الضائقة المدنية في القطاع؛ انهيار الدولة اللبنانية؛ ومحاولة إيران تحسين مكانتها في المنظومة الدولية) – وبين الواقع الفعلي الذي يتصرف فيه هؤلاء بجرأة أنتجت مفاجآت على شاكلة المبادرة الهجومية من حماس ضد "إسرائيل"، أو رد حزب الله على هجوم الجيش الإسرائيلي في لبنان.

الفرضية الأساسية الإسرائيلية، حيال مردوعية أعدائها عن معركة واسعة وكرههم لها، صحيحة بالفعل لكنها تفوّت استعدادهم لانتهاج خطواتٍ عسكرية هي في نظرهم تحت سقف التصعيد الشامل. إنها فجوة مطلوبٌ فهمها واستيعابها بدل الانجرار إلى حلولٍ سهلة نسبياً، مثل تفسيرات بأن العدو فقد توازنه وأصبح غير متوقع، مثلما زعموا مؤخراً حيال يحيى السنوار.

على "إسرائيل" ملاحظة المحور الرابط بين ساحات التوتر، التي كما قلنا تجري على خلفية منفصلة، لكن اللاعبون المركزيون فيها يعكسون منطقاً متشابهاً بل ويوجد بينهم نقاش وإجراءات تعلّم مشتركة. على "إسرائيل" أن تفهم أن أعداءها لا زالوا مردوعين عن معركة شاملة ضدها، لكنهم يحاولون فحص ما إذا كان بالإمكان إعادة رسم الخطوط الحمراء أمامها.

هذه الديناميكا يمكن أن تقود "إسرائيل" – لكن أعداءها أيضًا – إلى تصعيدٍ واسع، وهذا من دون تخطيط وبخلاف المصالح الأساسية لكل اللاعبين.