• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
مقالات مترجمة

"ناشونال إنترست": ضعف العراق سينتهي بثورة عنيفة لا تفرق بين حزب وآخر


حذر الباحث المقيم بمعهد "أميركان إنتربرايز" مايكل روبن في مقاله بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية، من أن عجز العراق عن إجراء إصلاحات جوهرية في نظامه السياسي واقتصاده سينتهي بثورة لا تبقي ولا تذر، متوقعا أن تتسم الثورة القادمة بالعنف وألا تفرق كثيرا بين الأحزاب.

وقال إن الثورة المتوقعة ستسفر عن أزمة مهاجرين أشبه بتلك التي تواجهها حكومة إقليم كردستان العراق "الفاسدة"، وستؤدي إلى الإطاحة بالقادة السياسيين الحاليين بالجملة "إما إلى القبور مبكرا أو المنفى".

وبنظره، فإن نزول الشباب العراقي إلى الشوارع في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019 –"احتجاجا على الفساد المستشري والحكومة العاجزة التي يقودها رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي"- كان بمثابة طلقة تحذير.

إهدار الفرص

ويرى الكاتب أن المحتجين حينها كانوا على استعداد لمنح القادة العراقيين فرصة لإجراء إصلاحات، لكن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أهدرها، بحسب مايكل روبن.

ويصف كاتب المقال الكاظمي بأنه "لا يتمتع بالجاذبية" وأنه "ضعيف سياسيا" في بلد يعج بالشخصيات اللامعة، مشيرا إلى أن المهمة التي أوكلت إليه ارتكزت على وضع حد لحالة العجز التي يعاني منها العراق، والإشراف على الإصلاحات الجوهرية وقيادة البلاد إلى انتخابات جديدة.

غير أن الكاظمي أخفق في المهمة رغم مرور أكثر من عام ونصف العام على رئاسته للفترة الانتقالية، على حد تعبير الباحث الأميركي الذي أوضح أن النظام الانتخابي العراقي لطالما كان معقدا.

وأنحى باللائمة في ذلك على رئيس سلطة الائتلاف المؤقت السابق في العراق بول بريمر وموظفي الأمم المتحدة الذين اتفقوا على إجراء انتخابات بنظامي التمثيل النسبي والترشح بالقائمة الحزبية بدلا من الدوائر الانتخابية، وكان هدفهم من ذلك السرعة في إنجاز المهمة.

لكن حالة عدم الاستقرار طويلة الأجل التي تسبب فيها هذا النظام الانتخابي كانت جلية، فقد كان المرشحون مدينين لقادة أحزابهم ببقائهم السياسي، عوضا عن خضوعهم للمساءلة أمام ناخبيهم.

ويمضي مايكل روبن إلى القول إن الكاظمي لم يستخدم موقعه السياسي المهم أو سلطته الأخلاقية لرعاية الإصلاحات الجوهرية التي سبق لرئيس الجمهورية برهم صالح أن اقترحها على عادل عبد المهدي، مضيفا أن تلك الإصلاحات كانت ستساعد في استقرار العراق لو وجدت طريقها للتنفيذ.

وبدلا عن ذلك، أفرغ نواب البرلمان المنتخبون في ظل النظام الانتخابي القديم -الذي كان يشجع على المحسوبية والفساد- الإصلاحات من معناها الحقيقي. ووفقا للباحث الأميركي، فإن الزعماء السياسيين العراقيين أنفسهم منخرطون اليوم في المساومات والمقايضات السياسية ذاتها التي تثريهم وتساعد في تمكينهم، لكنها تبعدهم عن العراقيين الذين يدعون أنهم يمثلونهم.

خطوط حمراء ومصالح ضيقة

ويزعم مقال "ناشونال إنترست" أن الإصلاحات قد تثير عداء الزعماء السياسيين، الذين يحتاج الكاظمي إلى دعمهم للاستمرار في منصبه بعد الانتخابات.

وربما يكون البيت الأبيض ودوائر الاستخبارات ممتنين للكاظمي على الوعد الذي قطعه بالتصدي للمليشيات المدعومة من إيران، لكنه بدا -من وراء الكواليس- متساهلا معهم مثل أسلافه من رؤساء الحكومات المتعاقبة.

وتحدد المظاهرات وحتى محاولات الاغتيال الخطوط الحمراء التي لا يميل الكاظمي إلى تجاوزها، على أن أكبر معضلة تنال من جهود رئيس الوزراء لدرء التهديدات على سيادة العراق لا تكمن في الخوف بقدر ما هي في الطموح. فالإفراط في التصدي لإيران من شأنه تقويض أمله في الحصول على موافقة تلك الحركات السياسية المدعومة من إيران.

واستشهد كاتب المقال بأمثلة على الفساد والمحسوبية الضاربة أطنابها في العراق، من بينها كشوفات الرواتب المتضخمة، والمغالاة في التعيينات على الوظائف، وقيام مسؤولين حكوميين بمنح أنفسهم مكافآت في شكل قطع أراض تقدر بملايين الدنانير.

ولا ينفك الكاظمي -كما يزعم المقال- عن التظاهر بتأييده الإصلاحات، بيد أنه لا يمضي إلى أبعد من ذلك؛ لأنه إذا فعل فقد يعادي المصالح الراسخة لأناس هو في حاجة إلى دعمهم له الآن في وقت تتحول فيه مهمته من الإصلاح إلى تمديد فترة ولايته.

إن ما ينقذ الكاظمي اليوم وينقذ النظام الذي يشرف عليه ليس نجاح الإصلاحات، بل ارتفاع أسعار النفط، في حين يستمر تعداد سكان العراق في الازدياد ليصل إلى أكثر من 45 مليون نسمة بحلول عام 2025، وسيتجاوز عتبة 50 مليونا بنهاية العقد الحالي.