• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
المقترحات الاعلامية

مقترحات للتعامل مع العملية العسكرية الروسية في شرق اوكرانيا في الخطاب الإعلامي


على الرغم من تصريحات الرئيس الأميركي جو  بايدن التي أكّد فيها ما أسماه درء هجوم روسي محتمل على أوكرانيا، والتهديد بفرض أقسى العقوبات على روسيا على الإطلاق، وعمله على تحفيز حلفاء الولايات المتحدة في الناتو للوقوف في جبهة موحدة ضد روسيا، وتزويده أوكرانيا بأسلحة أكثر من أي رئيس أميركي قبله، وتعزيزه القوات الأميركية على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي كطمأنة وضمانة لالتزامه، إلا أن الرئيس فلاديمير بوتين أذن بما أسماه "عملية عسكرية خاصة" في منطقة دونباس شرق أوكرانيا ردًّا على دفع الولايات المتحدة خمس موجات من توسع الناتو شرقًا وصولاً إلى عتبة روسيا، مما يمثل ارتفاعًا جديدًا في توترات ما بعد الحرب الباردة. كما أنه ينذر بتغييرات وتحولات في العالم قد تهزّ أسس النظام الدولي ومسار العلاقات الدولية.

ولأهمية القضية، تضع الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين المقترحات الآتية للتعامل مع هذا التطور في الخطاب الإعلامي:

 أولًا: اعتماد توصيف العملية العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا على التحرك الميداني الروسي الجاري حالياً.

ثانيًا: تأكيد تجاوز الجانب الروسي لتهديد العقوبات الاميركية والغربية، وعدم تأثيرها في قراره نتيجة التحالف مع الصين، والاعتماد على الذات، ونجاحه في خوض المواجهة الإعلامية المؤيدة للعملية العسكرية في شرق اوكرانيا. فقد واجهت روسيا العقوبات الدولية التي فُرضت عليها في العام 2014، عندما دخلت قوات روسية شبه جزيرة القرم، وضمّت جزءًا من أوكرانيا. إذ تخلّت عن الاعتماد على الدولار، ومحاولة تحصين الاقتصاد الروسي ضد العقوبات؛ فالدولار لا يمثل سوى 16 في المئة فقط من احتياطي العملة الصعبة في روسيا حاليًا مقارنة بـ 40 في المئة قبل خمس سنوات. وحققت روسيا في كانون الثاني/ يناير من العام الجاري مستوى قياسيًا من عُملة صعبة وذهب تجاوز ما قيمته 630 مليار دولار. وهو رابع أعلى احتياطي في العالم، وكفيل بدعم العملة الروسية ـ الروبل لفترة ليست بالقصيرة.

ومثلّت الصين جزءًا مهمًا من استراتيجية روسيا على استكشاف فرص تجارية جديدة بعيدًا عن الأسواق الغربية. ووفق ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، ويرجح الخبراء أن تستغل الشركات والمؤسسات الروسية العملات الرقمية، بينها سوق "الروبل الرقمي" الذي نما منذ العام 2014؛ وفي هذا السياق، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلن ممثلو البنك المركزي الروسي في تصريح لصحيفة موسكو أن "الروبل الرقمي" الجديد من شأنه أن يصنع دولة أقل اعتماداً على الولايات المتحدة وأكثر قدرة على مقاومة العقوبات. كما سيسمح للكيانات الروسية بإجراء المعاملات خارج النظام المصرفي الدولي مع أي دولة ترغب في التجارة بالعملة الرقمية.

ثالثًا: الإشارة الى التوقيت الذي اختاره الرئيس بوتين المرتبط بجملة من الاعتبارات سردها الكاتب اللبناني جوني منير في مقال نشرته صحيفة "الجمهورية" بعنوان: "أزمة أوكرانيا تضرب الشرق الأوسط"،  ومما جاء فيه:  غالب الظن انّ بوتين المَهجوس منذ دخوله الكرملين باستعادة امجاد الاتحاد السوفياتي وبالتالي اعادة روسيا كقطب عالمي ثانٍ لمسَ التراجع الذي يصيب الحضور الاميركي على الخريطة الدولية ما يؤشر الى حصول فراغ دولي بسبب بدء أفول مرحلة الاحادية الاميركية في العالم. أضف الى ذلك الميل التصاعدي للأميركيين بعدم الاكتراث بالتمسك بالدور القيادي العالمي لمصلحة التفرغ أكثر للمشكلات الداخلية الاساسية والكبيرة. وهذا ما ترجمه الاميركيون بالذات مع إطلاق شعار أميركا اولاً الذي ادى منذ نحو خمس سنوات الى فوز مرشح رئاسي شعبوي جاء من خارج المدرسة السياسية الاميركية. وهو ما يعني ان النزاع المفتوح في قلب اوروبا ليس مقدراً له ان ينتهي قريباً، لا بل انه يؤسس لتدشين مرحلة جديدة، اما التوقيت الذي اختاره بوتين فقد تكون له علاقة بجملة من الاعتبارات تبدأ من الوضع الداخلي للرئيس الاميركي جو بايدن ولا تنتهي مع التسويات الكبرى الجاري صَوغها إن مع إيران في الشرق الاوسط، او مع التضعضع الاوروبي، اضافة الى الاصطفاف الجاري عالمياً لتنظيم خطة احتواء الحضور الصيني في العالم.

في الواقع لا جدال في أن ازمة اوكرانيا جاءت لتزيد من المشكلات التي يعانيها بايدن على المستوى الداخلي خصوصاً. فالجمهوريون الذين يحشدون قوتهم لإنزال هزيمة كبيرة في حق الديموقراطيين وانتزاع الغالبية في مجلسي النواب والشيوخ بعد نحو ثمانية أشهر، يركزون حملتهم الداخلية على ضعف القرار الاميركي في ظل رئاسة بايدن؛ على سبيل المثال فإن السيناتور الجمهوري البارز تيد كروز قال لقناة "فوكس نيوز" انّ اوروبا على وشك الدخول في الحرب بسبب ضعف بايدن وعجزه... بايدن الذي ما يزال يعاني الآثار السلبية للانسحاب الاميركي العسكري السيئ من افغانستان يعمل في شكل دؤوب على إنجاز تفاهمه مع إيران للعودة الى الاتفاق النووي. الى حد انه وافق على بعض شروط إيران الاساسية كمثل الافراج عن الارصدة المالية المجمدة، ونُقل عن الايرانيين تمسكهم بهذا الشرط خلال تفاوضهم غير المباشر مع الاميركيين واعتبارهم انهم شعروا بالاشمئزاز عندما انسحبت واشنطن من الاتفاق، وهو ما يستوجب حصولهم على ضمانات قبل الاعلان عن الاتفاق.

رابعا: الالتفات إلى مخاوف المسؤولين الغربيين من أن تتحول العملية العسكرية إلى أكثر الصراعات الأوروبية دموية منذ الحرب العالمية الثانية، وأن يكون لها تداعيات عميقة على حظوظ الرئيس الأميركي جو بايدن السياسية وعلى علاقات الولايات المتحدة مع العالم.

وهو ما عكسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي عقده أمس الخميس، ووصف فيه العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأنها "نقطة تحول في التاريخ الأوروبي"؛ وقال إن "تداعيات كثيرة ستكون لهذه المرحلة الجديدة التي بدأت في أوروبا"،

خامساً: تبيين أنّ الهجوم الروسي من شأنه أن يمثل ضربة نهائية للنظام الدولي القائم على أساس الهيمنة الغربية، ليفتح الباب أمام حقبة جديدة من الأسس والمفاهيم المختلفة في العلاقات الدولية والنظام الدولي.

سادسًا: تأكيد أنّ الأزمة في أوكرانيا خلقت قلقاً حقيقياً في الكيان الصهيوني المؤقت بسبب فقدان الاهتمام العالمي بما يعتبره هذا الكيان، تهديداً وجودياً له، وهو البرنامج النووي الإيراني او تطور قدرات الردع الاستراتيجي لدى قوى محور المقاومة في المنطقة.

سابعًا: تأكيد تداعيات العملية العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا على عدد من الأسواق حول العالم، من أسعار القمح والطاقة والسندات السيادية بالدولار إلى الأصول الآمنة وبورصات الأسهم. فأوكرانيا منتج خصب للقمح والشعير وحبوب الجاودار التي يعتمد عليها كثير من دول أوروبا والعالم، كما أنها منتج كبير للذرة. وقد صرّح الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة التكنولوجيا وتعقب المصادر كيلفار آلان هولاند: "إن أوكرانيا بمثابة سلة خبز أوروبا، وسيؤدي غزوها إلى تضرر سلسلة التوريد الغذائية بشدة".

وبحسب هولاند، فإنه على الرغم من أن موسم الحصاد لا يزال بعيداً بضعة أشهر، فإن الصراع المطول من شأنه أن يؤدي إلى نقص الخبز وزيادة الأسعار هذا الخريف.

بدوره أكد بير هونج من شركة الاستشارات كيرني أن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيتفاقم عندما يقترن بصدمات أسعار مواد أخرى، خاصة إذا استولى الموالون للروس على المناطق الزراعية الأساسية في أوكرانيا"؛ مشيرًا إلى أن روسيا أيضاً أكبر مصدر للقمح في العالم. وأنها جنباً إلى جنب مع أوكرانيا تمثل نحو 29 في المئة من سوق تصدير القمح العالمي.

كما تكبدت أسواق المال العالمية خسائر بالساعات الأولى لتداولات أمس الخميس، إذ سجلت الأسهم الأوروبية تراجعًا، فقد انخفض مؤشر FTSE 100 بنسبة 2.5 في المئة في لندن، بينما انخفض مؤشر CAC 40 الفرنسي بنسبة 4 في المئة، وهبط مؤشر DAX 30 الألماني بنسبة 4 في المئة وفق ما أوردت شبكة (سي ان ان) الأميركية.

ثامنًا: الإشارة الى تأثر أسواق الطاقة بالعملية العسكرية الحاصلة، حيث تعتمد أوروبا على روسيا للحصول على حوالي 35 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، الذي يأتي معظمه عبر خطوط الأنابيب التي تعبر بيلاروسيا وبولندا إلى ألمانيا، و"نورد ستريم 1" الذي يذهب مباشرة إلى ألمانيا، وخط أنابيب آخر عبر أوكرانيا، مما سيؤدي الى دفع الأسعار الى مستويات قياسية سيكون لها نتائج خطيرة على الدول الأوروبية المستهلكة لهذه الطاقة وعلى أسواق الطاقة العالمية التي ستتأثر حتما بهذا الوضع.

فقد قفزت أسعار النفط العالمية أمس الخميس، وتجاوز خام برنت 105 دولارات للبرميل لأول مرة منذ العام 2014، وتوقع أحد مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج" آميد شكري أن ترتفع أسعار النفط بشكل حاد مع استمرار تصاعد التوترات بين أوكرانيا وروسيا، والمخاوف بشأن اضطرابات الإمدادات. وقال شكري في حديث لموقع سكاي نيوز عربية: إن الأزمة الحالية بين أوكرانيا وروسيا ستزيد من تعقيد سوق النفط، حتى العقوبات المحتملة ضد روسيا ستؤدي إلى خفض إمدادات النفط والغاز وزيادة الأسعار... حيث تتزود أوروبا بنسبة 35 في المئة من غازها الطبيعي من روسيا الذي يصل إلى ألمانيا عبر خط أنابيب من بيلاروسيا وبولندا. يذهب خط أنابيب نورد ستريم 1 مباشرة إلى ألمانيا، ويتم تصدير الباقي عبر أوكرانيا إلى دول أوروبية أخرى".

وفي هذا الإطار أيضًا، كتب المعلق في صحيفة "فايننشال تايمز "جدعون راكمان مقالًا بعنوان: "حرب بوتين في أوكرانيا ستهز العالم"،أشار فيه إلى أن الاستخبارات الغربية توقعت بدقة حدوث هذا السيناريو... سيكون للانفصال الاقتصادي بين روسيا والغرب عواقب اقتصادية خطيرة على أوروبا والولايات المتحدة. حتى قبل اندلاع هذا الصراع كانت أسعار الطاقة ترتفع. وإذا قطعت روسيا إمدادات الغاز عن أوروبا سوف يعاني المستهلكون والصناعة بشدة. ستظهر التأثيرات المباشرة بشكل كبير في تلك البلدان الأكثر اعتمادًا على الغاز الروسي - لا سيما ألمانيا وإيطاليا.. ولن يمنع هذا من دخول الغرب كله حالة من الركود وزيادة معدلات التضخم. وعلى خلاف بوتين، فالقادة الغربيون أكثر عرضة لتقلبات الرأي العام. وعلى الرغم تأكيد الناتو أنه سيظل بعيدًا عن الحرب، إلا أن هناك مخاطر من توسع النزاع بعيدا عن أوكرانيا... يشعر آخرون بالقلق من أن دعم التمرد قد يحول أوكرانيا إلى سوريا جديدة على حدود أوروبا.

الانفوغراف التالي يوضح أرقام التراجع:

وأغلقت مؤشرات الأسهم في وول ستريت على انخفاض حاد الأربعاء الماضي، إذ أغلق المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بانخفاض 78.45 نقطة بما يعادل 1.82 في المئة إلى 4226.31 نقطة. فيما نزل المؤشر ناسداك المجمع 340.66 نقطة أو 2.55 في المئة إلى 13040.85 نقطة. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 459.12 نقطة أو 1.37 في المئة إلى 33137.49 نقطة.

تاسعًا: تسليط الضوء على رد البعثة الروسية في الأمم المتحدة المتمثل في اعلان عدم الاعتراف بسيادة "الكيان الصهيوني المؤقت" على الجولان، واعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الأراضي السورية، والتنديد بالخطط الصهيونية المعلنة لتوسيع النشاط الاستيطاني في المنطقة المحتلة، بعد ادانة وزير خارجية الكيان للهجوم الروسي على أوكرانيا واعتباره انتهاكا للنظام الدولي.

عاشرًا: تأكيد أنّ مستقبل أوروبا والغرب مرهون بكيفية الردّ على العملية العسكرية الروسية في شرق أوكرانيا، وتداعياتها وتأثيراتها المباشرة، وأن هناك مخاوف من تورط اوروبا في الحرب بسبب ضعف بايدن وعجزه.

حادي عشر: الإشارة الى انتقال السياسة الروسية من الردع إلى الإجبار- بالتهديد والانذار- في جهودها لمنع دول حلف الناتو من التدخل في الازمة، وإعادة قواتها إلى مواقعها وإعادة النظر في سياساتها تجاه روسيا.

ثاني عشر: الإشارة الى أنه على الرغم من اعلان الولايات المتحدة وأوروبا التزامها بالمادة الخامسة من معاهدة تأسيس الناتو التي تؤكد مبدأ الدفاع المشترك في مواجهة أي هجوم مسلح ضد دولة واحدة او أكثر في أوروبا او أمريكا الشمالية، وتطبيقًا لحق الدفاع عن النفس الفردي أو الجماعي المعترف به بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، الا أنها لن ترسل قوات أمريكية أو أوروبية على الأرض.

ثالث عشر: تحميل الغرب مسؤولية ما وصلت اليه الأمور بين طرفي النزاع الروسي والأوكراني بسبب عرقلته للحلول السلمية، وتوريطه للجانب الاوكراني في معركة بدون تقديم ضمانات واضحة للرئيس الاوكراني، الذي عبر عن قلقه من عدم تمييز الولايات المتحدة وحلف الناتو للفرق بين الغزو والتوغل البسيط عند اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد على العدوان الروسي، وبسبب افشاله لأي مفاوضات جدّية حول اتفاق مينسك للأمن والتعاون بين دول أوروبا وروسيا.

رابع عشر: الإشارة الى القلق وعدم اليقين، وعدم الوضوح الاستراتيجي في أوروبا، لما سيعنيه الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، او اعلان روسيا الاعتراف بلوغانسك ودونيتسك كجمهوريات انفصالية مستقلة بالنسبة لبقية دول القارة.

خامس عشر: تبيين احتمالية التفكّك، وفقدان سياسة الردع الاستراتيجي الفاعلة لدى الغرب في مواجهة تمدد النفوذ الروسي في أوروبا الشرقية والوسطى.

سادس عشر: الإضاءة على المخاوف في أمريكا والغرب التي تعتبر الفشل الأميركي في ردع روسيا فرصة للصين لغزو تايوان، وتغيير المشهد في المحيط الهادئ، وربما فرصة لقوى عالمية وإقليمية أخرى لتفرض نفوذها وفقا لمصالحها في مختلف المناطق.

سابع عشر: تبيين المخاوف الأميركية من سعي بوتين الذي كان أكثر جرأة في المواجهة مع الغرب إلى تفكيك البنية الأمنية الأوروبية بعد الحرب الباردة، وإعادة تأسيس مجال نفوذ روسي على أوروبا الشرقية والوسطى.

ثامن عشر: الإشارة الى تعزيز روسيا احتياطاتها الدولية وبمستويات قياسية في السنوات الأخيرة، لتكون في وضع جيد، قادرة على مواجهة عاصفة عقوبات شديدة مفروضة عليها من الغرب. وللحصول على المكاسب الجيوسياسية الحاسمة التي يتصورها الرئيس الروسي من حملته العسكرية على شرق أوكرانيا.

تاسع عشر: تأكيد مخاوف الكيان الصهيوني المؤقت من أن تؤثر أزمة اوكرانيا على المعادلة الحربية التي كانت قد رسمتها روسيا في سوريا، وسمحت بفتح الاجواء امام الغارات الاسرائيلية الدائمة. وهو ما بدأت صحافة العدو تتناوله قبل بدء العملية العسكرية الروسية، ففي هذا الاطار نشرت صحيفة "معاريف" الصهيونية تقريرًا  لمراسلها العسكري طال ليف رام (الجمعة 28 كانون الثاني/ يناير 2022)، ومما جاء فيه: "إن إسرائيل تتابع عن كثب التطورات المرتبطة بالأزمة الأوكرانية... تخشى من تداعيات سلبية لأي مواجهة محتملة بين روسيا والولايات المتحدة قد تمتد إلى الملف النووي الإيراني والنشاط الإسرائيلي في سوريا...من شأن اشتعال المواجهة الأميركية الروسية أن يزيد من تهميش واشنطن لأهمية منطقة الشرق الأوسط، مما سينعكس سلباً على الملف النووي الإيراني، ويمنح إيران بالتالي وقتاً ثميناً للمضي قدماً في برنامجها النووي... المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تخشى من أن تبدل روسيا موقفها الحالي في كل ما يتعلق بالحرية التي تتحلى بها إسرائيل في تنفيذ هجمات برية وجوية في سورية لصد التموضع الإيراني... المناورة الجوية المشتركة التي قام بها الروس في أجواء الجولان سية مع طائرات النظام السوري هي واحدة من رسائل روسية محتملة...".

بدورها نشرت صحيفة "هآرتس" (الإثنين14/02/2022) تقريرًا نقلت فيه عن مصدر سياسي وصفته بأنه رفيع المستوى أن "الولايات المتحدة أهمّ صديق لإسرائيل، ومن الواضح أنه لا يمكن مواجهتها" في ملف الأزمة الأوكرانية. وقال المصدر إنه "في المقابل فإن التعاون الأمني مع روسيا لا سيما ما يتصل بالوجود الإيراني هو ضروري، ولا يمكننا المسّ به. توجد لنا مصالح مهمة أخرى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبالأساس مصالح أمنية".

وأشار تحليل نشره موقع "معاريف" (الإثنين14/02/2022) إلى أن الأزمة في أوكرانيا تثير مخاوف لدى إسرائيل في حال تدهورها إلى غزو وحرب على الأراضي الأوروبية من حدوث تداعيات سلبية على المصالح الإسرائيلية بدءاً من موضوع الملف النووي، وحتى مسألة حرية النشاط الإسرائيلي المتوفر حاليا بغطاء روسي، للطيران الحربي الإسرائيلي في سوريا.

عشرون: الإشارة الى التفوق العسكري الروسي، فبالإضافة إلى ترسانتها النووية، تتفوق روسيا بسهولة على أوكرانيا من حيث الطيران العسكري، وأنظمة الصواريخ والقوة البحرية، حيث يمكن للصواريخ الروسية أن تتسبب في أضرار مدمرة بالبلدات والمدن الأوكرانية، بينما يمكن للقوات البحرية والجوية الروسية أن تتغلب على القوات الأوكرانية وتستولي على الأراضي، على الرغم من التأكيد الأوروبي والأميركي تقديم المساعدات العسكرية واللوجستية والخبرة للجيش الاوكراني.

واحد وعشرون: الإشارة الى احتمال وجود مخطط غربي يهدف الى استنزاف القوات الروسية، ومحاولة توريطها في أوكرانيا، واغراقها في مستنقع الحرب العسكرية من خلال تطوير خطة عمل الجيش الاوكراني، واعتماده على "وحدات الدفاع الإقليمي"، وهي مليشيا من النازية الجديدة تعمل على تحويل أوكرانيا إلى "أفغانستان أوروبية"، وفقاً لتقديرات الاستخبارات الأميركية والأوكرانية التي نشرتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ضلًا عن أن أوكرانيا ينبغي أن تًكُون محور اهتمام الاستراتيجية الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة من وجهة نظر مستشار الأمن القومي الأميركي سابقاً وأبرز منظري السياسة الأميركية إبان الحرب الباردة زبغنيو بريجنسكي، وأوكرانيا القوية والمستقرة تشكل ثقلاً موازناً لروسيا، وكان بريجنسكي يتحدث في التسعينيات عن وجوب ألَّا تُسيطر روسيا على أوكرانيا لأنها بمثابة المفتاح لإعادة بناء إمبراطورتيها من جديد (المصدر: نبوءة بريجنسكي بشأن أوكرانيا، موقع الجزيرة نت).

وفي رأي محللين أن إقدام بوتين على غزو أوكرانيا سيكون فَخْاً محكماً وَقَعَ فيه واستدرج إليه. ستتحول خطوة كهذه إلى حرب استنزاف طويلة. فالعسكر الروسي سيكون على الأرض هدفاً سهلاً للاصطياد، وواشنطن تريد إشْغال الدب الروسي ودفعه إلى حروب استنزاف جديدة. العين الأمريكية على كيفية إغراق موسكو في مشاكل وأزمات تُعِيق تَعْميق تحالفها مع الصين وذهابها إلى تشكيل جبهة واحدة (أمريكا تريد إشغال روسيا وبوتين على مسافة خطوة من فخ حرب الاستنزاف، موقع القدس العربي).