• اخر تحديث : 2024-04-24 13:38
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: "الحرب في اوراسيا وانعكاساتها على غرب اسيا"..


مقدمة

منذ بدايات ربيع شرق اوروبا، في الدول التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي المنحل، ولا تألوا الولايات المتحدة والناتو جهدا في السعي إلى تطويق واسقاط الاتحاد الروسي، من أجل اطباق السيطرة على اوراسيا.

استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحسه الأمني وعلاقاته الاستراتيجية مع الصين وإيران، ان يلاقي كل تلك المحاولات، من جورجيا إلى كازاخستان ...وصولا إلى الحرب الدفاعية، في اوكرانيا. خاصة بعد أن أصبحت اوكرانيا، في زمن النازيين الجدد خنجرا في خاصرة روسيا.  وغاية روسيا حفظ مكانتها ونفوذها في هذا العالم، غاية أميركا-الناتو إضعافها حتى الاستسلام، تمهيدا لتطويق ومحاصرة الصين.

الان، بعد أن فشلت أميركا في تطويع روسيا، ما هو مصير غرب آسيا؟ كيف ستنعكس هذه الحرب على بلدانها وشعوبها وقضاياها الاستراتيجية؟؟

هذا الموضوع الاستراتيجي ومتفرعاته ناقشته حلقة نقاش نظّمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين عبر الفضاء الافتراضي بعنوان: "الحرب في اوراسيا وانعكاساتها على غرب اسيا".

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

الثلاثاء 8\3\2022

المكان

Zoom Meeting

مدة اللقاء

من العاشرة والنصف صباحًا لغاية الثانية عشرة والنصف ظهرًا

 

المشاركون السادة:

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح.

2

عضو الهيئة الإدارية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية د. هادي أفقهي.

3

عضو الهيئة الإدارية في اليمن الأستاذ. حمدي الرازحي.

4

عضو الهيئة الإدارية في سوريا د. بسام أبو عبدالله. 

5

عضو الرابطة في لبنان د. عماد رزق.

6

عضو الرابطة في فلسطين الأستاذ حسن لافي.

 

ثانياً: مجريات اللقاء:

بعد بالترحيب بالمشاركين، افتتح رئيس الرّابطة د. محسن صالح الحلقة بوصف ما يحدث في اوراسيا بأنه قد يكون " ذروة لبداية ،وربما هي بداية لذروة من التغيير الحاصل في العالم، والذي ربما ابتدأته الثورة الاسلامية في إيران عام 1979 عندما دقت اول مسمار في نعش الأحادية القطبية التي اعتمدت أساليب متعددة من اجل إبقاء الهيمنة وخاصة الأميركية والغربية على كل مناطق العالم، من اميركا الجنوبية والوسطى وصولا الى محاولات تطويق الصين وضرب روسيا والتي بقيت قوية لتكون عضضا او حليفا للشعوب التي تريد ان تخرج من الهيمنة الأميركية".

وقال: ساهمت قوى المقاومة ايضًا بشكل كبير في جعل المخططات الأميركية في المنطقة تنتهي الى عناصر فشل كبيرة وإعادة الاعتبار الى حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي قوتها، من فلسطين الى العراق وسوريا التي تلقت ضربة كبيرة من خلال الإرهاب المدعوم اميركيا وغربيا وبعض العرب، وصولا الى اليمن الذي لا زال يتعرض الى أبشع أنواع العدوان من التحالف السعودي الأميركي المدعوم غربيا بالسلاح والاعلام والمادة، حيث ان الشعب اليمني يحتاج الى كثير من المساعدة من اجل ان يخرج من هذه المأساة الكبيرة.

الحرب في اوراسيا انتهت لصالح روسيا عندما بدأت بمعركة أوكرانيا والغرب بيدو ضعيفا متضعضعا، والولايات المتحدة الأميركية لا تستطيع ان تفعل شئيا وبالأمس صرحوا انهم لن يذهبوا الى أوكرانيا ليحاربوا، نعم انهم يجيشون من كل انحاء العالم من الإرهابيين القدامى (النازيون الجدد) والإرهابيين الذين هم في خدمة المخططات الأميركية الذين هم من داعش والنصرة وليس طواعية فقط انما هم مستأجرون على مدى طويل. واعتقد الذي انتصر في سوريا (سوريا، روسيا، محور المقاومة) يستطيع ان يهزم كل هذه الاتجاهات.

الان كيف ستنعكس هذه الصورة العامة للحرب في اوراسيا على دول محورنا الذي يستعيد عافيته، الدولة في سوريا والدولة في العراق الى حد ما، وعناصر القوة في اليمن حيث أصبح اليمن قادرا على ان يفاوض من موقع قوة عبر الانتصارات التي تحققت في الميدان، وفي لبنان وفلسطين بعد معركة سيف القدس يمكن ان نتحدث ان محور المقاومة مع حلفائه العالميين من الصين الى روسيا والجمهورية الإسلامية، كل هذه القوى الان هي عناصر لتعبير عن عالم متعدد الأقطاب، هل يمكن ان نعد محور المقاومة بدوله وشعوبه ان يكون قطبا من هذه الأقطاب خاصة ان العلاقات المتينة بين دول محور المقاومة وحركات المقاومة تؤشر الى هذا الجانب من القوة والقدرة على ان تكون قطبا في هذه المعركة تخوضها كل دول العالم ضد الولايات المتحدة الأميركية، واعتقد ان الناتو يترنح خاصة بعد خروج بريطانيا من البريكست.

لا شك ان ما بعد أوكرانيا ليس كما قبل أوكرانيا وان هناك نظاما عالميا جديدا يتهيأ للبروز بعد كل هذه التضحيات، وقوى المقاومة هي التي ارست هذه القواعد الجديدة.

العالم متغير وهناك اقطاب جديدة في هذا العالم، ولا شك ان الصين وروسيا وإيران هي الدول التي واجهت هذا الأميركي والغربي، وبالتالي هي ستكون رأس هذا المحور الجديد في عالم جديد، وطبعا محور المقاومة سيكون في المقدمة لان ما لديه من طاقات ومن عقول تستطيع حمل حضارة جديدة.

الرئيس الروسي تحدث بالأمس بأنه يختلف مع الغرب بالثقافة والحضارة، فالمسألة الحضارية والثقافية حاضرة في ذهن بوتين كما هي حاضرة في اذهاننا منذ زمن طويل.

ورقة عمل الأستاذ. حمدي الرازحي

على امتداد العقود الزمنية الماضية وأمريكا تتسيَّد المشهد الدولي وتعيث في الأرض الفساد كحارس كوني يسعى لفرض سلطته على العالم بمختلف الوسائل والأساليب دون مراعاة للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، الأمر الذي تسبب في احتقان دولي متخم بالعداء والكراهية انطلاقاً من واقع السياسة الإستكبارية القائمة على قاعدة "فرِّق تَسُد"، حيث استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تعيد تشكيل الخارطة الدولية بما يتوافق مع أهدافها التوسعية من خلال تمزيق الدول ونشر الفقر والدمار في أوساط الشعوب كما فعلت في العراق وأفغانستان وليبيا ومن قبلها فيتنام وغيرها كثير.

ومن المعلوم أن أطماع الغرب الأمريكي في آسيا لم تقتصر على تدمير الإمبراطورية اليابانية وحسب، ولكنها أسهمت في تمزيق أوصال الإمبراطورية السوفياتية لتحقيق تفردها بحكم العالم دون منازع، وإذا كانت تلك الأحداث بمآسيها وجرائمها قد أصبحت من الماضي إلا أن النزعة الاستكبارية اليوم هي ذاتها بلبس الأمس الدموي وإن تستَّرت خلف شعارات الحرية والديموقراطية والحقوق وغيرها من الشعارات البراقة الزائفة، وما تشهده المنطقة والعالم اليوم من جرائم ومآسٍ إنما هو انعكاس لسياسة الغرب وشيطانه الأكبر أمريكا.

وفيما يتعلق بالصراع الروسي الأوكراني فليس بغريب إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التوجهات الأمريكية لفرض نفوذها في قلب آسيا لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية تخدم أهدافها الكبرى المتمثلة في الحفاظ على هيمنتها على العالم كقطب استبدادي واحد والعمل على تدمير ملامح النهوض الحضاري للتنين الصيني والدب الروسي وإلى جانبهما كوريا الشمالية وإيران.

هذه هي الأهداف الأمريكية من تأجيج الصراع في قلب القارة الأسيوية بعد تخوفها من ظهور أقطاب دولية جديدة فاعلة ومؤثرة في مسار صناعة الحدث وترشيد مسارات العلاقات الندية بين شعوب العالم.

وإذا كانت سنوات الحرب الباردة في العلاقات بين الغرب والاتحاد السوفياتي، قد حافظت على قدر معين من الثقة والاحترام المتبادل، إلا أن التوترات السياسية والمخاوف العسكرية القائمة بين روسيا من جهة، وأمريكا ومن يدور في فلكها من جهة أخرى قد قضت على تلك الثقة، وزرعت مكانها الشك والترقُّب بعد أن استشعرت روسيا الخطر الغربي الذي يتهدد وجودها في المنطقة.

لقد أشعلت روسيا بخطواتها الجريئة ليس فقط قارة آسيا وحسب، وإنما الكرة الأرضية كلها، فأوروبا قد أصبحت على صفيح ساخن بعد أن رأت ما كانت ترى فيه حديقتها الخلفية تتهاوى أمام الضربات الروسية، وأمريكا وجدت في انتفاضة الدب الروسي ملامح تحقق لنبوءة زوالها وأفول نجم هيمنتها الأحادية، و"إسرائيل" باتت تدرك أن سقوط أوكرانيا يحمل نذير شؤم بزوالها، فيما وجدت كلٌ من الصين وكوريا في المبادرة الروسية الجريئة عامل تحفيز لتحقيق حضورها الفاعل بعيداً عن سلطة الرقيب الغربي وذلك بالإعداد للتخلص من المخاوف الاستراتيجية التي تمثلها "تايون" الصينية وكوريا الجنوبية كأوراق ضغط أمريكي لتهديدهما، ولهذا فلا يستبعد أن تشهد الأيام القادمة مشهداً مماثلاً للعمل الروسي ولكن بنكهة كورية شمالية وفلكلور صيني يرفع راية التنين في وجه التنمّر الأمريكي.

صحيح أن الغرب وأوروبا كمنظومة دولية ذات نفوذ أمريكي في حالة استنفار لكبح جماح روسيا دون هوادة، من خلال أغلاق المجالات الجوية أمام الرحلات الروسية، وإعلان المقاطعة الاقتصادية، والعمل على عزل روسيا وحصارها حتى من ممارسة لعبة كرة القدم، إلا أن ذلك لن يمنع روسيا من مواصلة الدرب الصعب الذي افتتحته منذ أيام بعد أن أعدّت العدة للتعامل مع أسوأ الاحتمالات في جميع المجالات.

غرب آسيا الفرص والتهديدات:

الواقع العام لغرب آسيا وتحديداً الدول العربية هو واقع صراع بين محور المقاومة وقوى التبعية وأنظمة العمالة والمرتهنة للغرب، وما تشهده المنطقة منذ عقود بفعل السياسات الأمريكية التي صنعت من سفاراتها في الدول العربية منصات حكم عن بعد لإدارة تلك البلدان بدون قيد أو شرط، لترسم بذلك ملامح نفوذها في المنطقة بدون منازع وفق منطق القوة والإرهاب.

وما تشهده المنطقة من صراعات افتعلتها الإدارة الأمريكية في العراق منذ عقود وفي ليبيا ولبنان واليمن ومن قبل ذلك في فلسطين مجرد دلائل على واقع الحال الذي وصلت إليه المجتمعات العربية بفعل التخطيط الأمريكي لمفهوم الشرق الأوسط الجديد القائم على تأسيس كانتونات سياسية وطائفية وعرقية متصارعة وغير مستقرة، للحيلولة دون قيام أي دولة حقيقية ذات قوة وسيادة على امتداد جغرافية العالم العربي.

وعلى الرغم من امتلاك الدول العربية لمقومات بقاء ونهوض حضاري غير مسبوق إلا أن القيادات السياسية الموجودة حالياً لا تمتلك الكفاءة والحس الوطني والقومي لتحقيق ذلك أو الاستفادة من تلك الإمكانات بسب ارتهانها للغرب وخضوعها المطلق لسياسة أمريكا في المنطقة لأسباب كثيرة.

وفي ذات الوقت يعاني محور المقاومة من عزلة سياسية كبيرة بفعل قوى المعارضة والأنظمة القائمة، الأمر الذي يفرض على محور المقاومة في كل مكان العمل على انتاج استراتيجية جديدة تؤسس لتكتل مقاوم وصلب وفاعل وفق محددات عمل مشترك يستوعب مختلف المجالات لتحقيق التأثير المنشود في أقرب وقت.

وإذا كانت روسيا قد لوحت بورقة الغاز والنفط في وجه أوروبا والغرب، فإن أمريكا ترى في بلدان شبه الجزيرة العربية ورقة خلاص من مخاطر التهديد الروسي، وهذا ما سيدفع بأمريكا إلى الاستماتة أكثر من ذي قبل في استنزاف نفط الخليج وغاز اليمن لسحب ورقة الضغط الروسي واضعافها.

وفي هذا المسار يمكن أن نقرأ ملابسات زيارة المبعوث الأمريكي "ليندر كينغ" السرية لمحافظة شبوة اليمنية والقائمة بأعمال السفير الأمريكي "كاثي ويستلي" ومسؤولين في شركة توتال الفرنسية والاجتماع مع محافظ شبوة بحضور ضباط إماراتيين في منشأة بلحاف لمناقشة استراتيجية تصدير الغاز اليمني إلى أوروبا لتخفيف الأزمة الناشئة بسبب أحداث أوكرانيا.

وقد سبق هذا الترتيب لمؤامرة نهب الغاز اليمني اجتماع سري في الإمارات جمعت فيه شركة "توتال" جميع الشركاء في الشركة اليمنية للغاز المسال وهم: "هنت" و"أس كي" و"هونداي" و"كوجاز"، وتم الاتفاق على إعادة الإنتاج والتصدير والتسويق من قطاع "18" الذي تتجاوز احتياطاته الغازية (10) تريليونات قدم مكعبة، تستحوذ شركة "توتال" وشركاؤها على أكثر من (7) تريليونات منها وفق الاتفاقيات التي أبرمتها مع نظام اليمن السابق في العام 1996م أي قبل إنشاء مشروع الغاز المسال بعشر سنوات في أقذر مؤامرة قد شهدها التاريخ اليمني.

وفيما يتعلق بأرامكو ونفط الإمارات فمن المعلوم أن أمريكا وإسرائيل هما المتحكمان في مسارات الإنتاج رغم وجود اتفاقيات الطاقة التي تضم روسيا وبعض الدول الأسيوية، إلا أن ذلك لا يغير شيئاً في مسارات تغطية السوق العالمية بما يتوافق مع السياسة الأمريكية ومؤامراتها الاقتصادية المتجاوزة لحدود الزمان والمكان.

وعلى ضوء ما سبق فإن الدول العربية ليست بمنأى عن تداعيات الصراع الروسي الأوكراني وتجاذباته الدولية، الأمر الذي يجعل من المنطقة العربية مسرحاً لتجاذبات القوى الفاعلة عالمياً وفق السيناريوهات التي يفرضها الغرب ما لم تبدأ الدول العربية بتغيير وجهة بوصلة الولاء من الغرب إلى الشرق بما يتناسب مع مصالحها ويحفظ لها مكانتها قبل فوات الأوان.

استراتيجية استثمار الواقع الجديد:

ليست أمريكا وحدها من تدير غرب آسيا بما يتوافق مع سياستها الخارجية وأهدافها الاستكبارية الخاصة فروسيا لها حساباتها الخاصة في المنطقة العربية وإن تباينت بتباين أهدافها ومنطلقاتها الاستراتيجية في المنطقة، فعلى خلاف الملف السوري الذي تدعمه روسيا ضد الوجود الأمريكي ونفوذه في المنطقة نجد موقف روسيا من الملف اليمني باهتاً أمام الموقف العدائي الأمريكي، فروسيا أيدت العدوان على اليمن وسلمت أموال الشعب اليمني للمرتزقة، وهذه المواقف لن تخدم روسيا على المدى الطويل، وإن كان الشعب اليمني بزعامة قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي لا يعولون على روسيا ولا يراهنون على مواقفها.

كما أن تأثير السياسة الأمريكية في المنطقة العربية المشكلة لغرب آسيا هو التأثير الأكثر حضوراً وفاعلية مقارنة بالحضور الروسي الباهت، فهذه قطر وتحت تأثير الإملاءات الأمريكية تشتري الطائرات المسيرة التركية ونقلها إلى أوكرانيا مما تسبب في حساسية روسيا من المواقف القطرية المشبوهة بأبعادها الأمريكية.

أما السعودية والإمارات وبقية دول مجلس التعاون الخليجي فهي مجرد مستعمرات أمريكية لا نعول كثيراً عليها في اتخاذ أي موقف يحمي المنطقة العربية ويدفع عنها مخاطر استلاب القرار السيادي لها أمام هيمنة البيت الأبيض والكنيست الإسرائيلي.

من الأهمية بمكان الأخذ بعين الاعتبار أهمية تناول الأحداث المتسارعة في المنطقة وفق تراتبيتها الزمنية حتى نتمكن من بناء رؤية واضحة المعالم يمكن من خلالها التنبؤ بمستقبل المنطقة ودورها في صناعة ما يمكن أن يكون مستقبلاً في ظل تجاذبات التحالفات الدولية الجديدة، روسيا وحلفها الأسيوي من جهة، وأمريكا ومعها الناتو والقوى الأوروبية وأذنابها العربية من جهة أخرى.

ولهذا سندرس الموضوع وفق المعطيات التالية:

أولاً: الأبعاد الدلالية التي تضمنها رد روسيا على تصريحات خارجية لبنان المنددة بالموقف الروسي من أوكرانيا، والتي أشارت إلى تناقض موقف حكومة لبنان التي ذهبت إلى روسيا تطلب منها التدخل لمعالجات الاختلالات القائمة في بيروت، ثم تطلق استنكارها للموقف الروسي من أوكرانيا لاحقاً استجابة لإملاءات السفارة الأمريكية، وهي تحمل إشارة ضمنية وخفية تقول لحكومة لبنان: "لا تستعجلوا".

وعلى هذا الأساس فلا نستبعد أن تلعب روسيا دوراً فاعلاً لحل الأزمة اللبنانية نكاية بأمريكا ودور سفارتها المشبوه في بيروت، ولكن لصالح من؟ وعلى أي أساس فهذا مما لا يمكن التنبؤ به في الوقت الراهن بسبب تفاوت نسب الصراع الداخلي بين الكيانات السياسية الفاعلة في لبنان.

ثانياً: غض روسيا الطرف عن الاختراقات الخطيرة للأجواء السورية خلال الأيام الماضية بشكل مثير للتساؤل، الأمر الذي يوحي بوجود لعبة دولية كبرى تدار من خلالها الأحداث في المنطقة، مما يستدعي اليقظة والحذر في الوقت الراهن تحسباً لأي تغيُّرات جديدة في واقع السياسة الخارجية لكلٍ من روسيا وأمريكا في المنطقة وفق إملاءات مصالحهما الخاصة.

ثالثاً: على الرغم من عدم وجود أي موقف إيجابي من قِبَلِ روسيا ضد العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، أو وقوف روسيا مع الشعب اليمني والانتصار لمظلوميته، إلا أن روسيا بدأت بلعب أدوار استفزازية ضد السعودية والإمارات من خلال التلويح بورقة أنصار الله في وجه السعودية في اتجاهين رئيسيين هما:

الاتجاه الأول: اتصال "بوتين" بـ "محمد بن سلمان" والتحدث عن أنه "من غير المقبول تسييس مصادر الطاقة العالمية من قِبَل السعودية" والتلويح بأنه في حال تم ذلك فإن روسيا سوف تضرب السعودية عن طريق أنصار الله في اليمن.

الاتجاه الثاني: التصريحات الأخيرة للمحلل العسكري الروسي المقرّب من مصادر صنع القرار الروسي "ألكسندر نازاروف" والمنشورة في صحيفة (RT) الروسية، والتي تضمنت الحديث عن: "الاختراق الهائل لأنصار الله في تطوير تكنولوجيا الصواريخ"، والذي أثار جدلاً واسعاً ومخاوف كبيرة في الأوساط الأمريكية والخليجية والإسرائيلية بحكم صدوره عن مسؤول كبير وخبير عسكري تابع لدولة تعتبر تقريباً هي الأولى عالمياً في مجال تكنولوجيا الصواريخ والتصنيع العسكري.

ومن المعلوم أن اختيار هذا التوقيت بالذات للإدلاء بمعلومات من العيار الثقيل كهذه المعلومات له تداعياته الجيو سياسية الخطيرة وتحديداً على آل سعود ودويلة الإمارات، فضلاً عمَّا قد يفهمه الطرف الآخر من كونه تهديداً مباشراً لمصادر الطاقة في الدول المتحالفة مع أمريكا.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أيضاً ملابسات توقيت هذه التصريحات الروسية المواكب لتصاعد وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية من جهة، وتزامنه مع الاصطفاف الدولي بزعامة أمريكا عسكرياً وسياسياً ضد روسيا، وما ترافق مع ذلك من فرض عزلة وقطيعة اقتصادية على روسيا لخنقها وارغامها على الخضوع والانسحاب والتراجع عن قرارتها العسكرية القائمة، فإن ذلك سيقودنا إلى توقع انفتاح روسي قادم على مناطق غرب آسيا لتقليص نفوذ أمريكا وتقليم أظافر عملائها من جهة، ولتخفيف عبء الضغوطات الدولية والحصار الاقتصادي المفروض على روسيا من جهة أخرى، مما يعني أن المنطقة على موعد مع موسم ساخن مليء بالأحداث والمتغيرات الكبيرة.

قد تكون اليمن هي البوابة الأولى التي سيطرقها الدب الروسي لضرب أمريكا باعتبار أن اليمن البوابة الاستراتيجية الجنوبية للمنطقة بما تمتلكه من موقع استراتيجي ومنافذ بحرية مهمة من جهة، ولأن اليمن هي الدولة الوحيدة التي استطاعت أن تسقط المشروع الأمريكي في المنطقة بمفردها بعد أن تكالبت عليها دول وخذلها الأشقاء، فتوجهت لبناء قدراتها العسكرية وفق إمكاناتها المتاحة لتحقق صموداً أسطورياً على امتداد ثمانية أعوام من جهة أخرى.

ولهذا فمن المتوقع أن تبدأ روسيا بتوظيف ثقلها الدولي والسياسي والعسكري لفرض معادلة جديدة في واقع اليمن ومسار العدوان السعودي الأمريكي عليه وفق سيناريوها أكثر جدية، ابتداء من فتح سفارتها في صنعاء، ومروراً بتوظيف النفوذ السياسي لرفع الحصار وفتح المطار، وانتهاء بعقد الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين، الأمر الذي سيسهم في تقليص حجم الأحلام الأمريكية في المنطقة المتحكمة في أهم ممر بحي عربي في مضيق باب المندب، وكذلك البوابة الدولية المنفتحة على شرق آسيا المتمثلة في بحر العرب وخليج عدن.

ومن المحتمل أن توحي روسيا لحليفتها الكبرى "الصين" بالدخول للعب بعض الأدوار في المياه الإقليمية اليمنية لتنفيذ مشروع طريق الحرير التجاري الذي لا يمكن أن يغفل عن أهمية ميناء "عدن" وسواحل اليمن الممتدة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب من حدود "سلطنة عمان" إلى الحدود الجنوبية للسعودية.

واليمن بدوره قد يستفيد من وقائع الظرف الدولي الراهن لتحقيق العديد من المكاسب في إطار التعاون الدولي القائم على احترام السيادية والتعامل النِّدِّي المتماثل بين الدول من خلال الترحيب بتجديد العلاقات الروسية اليمنية لكسر حاجز الحصار المفروض ظلماً عليها، لأن ذلك سيشكل حافزاً لبقية الدول الحليفة لروسيا على اتخاذ نفس الخطوات الجريئة المتحدية للنفوذ الأمريكي، وهي خطوة سبقت إليها الجمهورية الإسلامية في إيران من خلال فتح سفارتها علناً متحدية لقيود الحظر والحصار.

ولا يستبعد أن تكون البداية بخطوة جماعية تتضمن روسيا والصين وكوريا الشمالية وبقية الحلف الروسي الأسيوي، وهذا ما سترحب به القيادة اليمنية في صنعاء، خصوصاً وقد شهدت الأيام الماضية تسليم رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام لرؤية صنعاء لحل الملف اليمني إلى الجانب الروسي، وبالتالي فإن أي خطوة ستتخذها روسيا مع اليمن ستحسب على أنها استجابة لتلك الرؤية من باب التمويه السياسي، في الوقت الذي يرى فيه البعض أن تحقق ذلك سيشكل نقلة نوعية لتحقيق توازن إقليمي رادع للنفوذ الأمريكي في المنطقة.

في العراق لا نستبعد أن تبدأ روسيا بتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين العراق والصين من جديد بعد أن تم عرقلتها لأسباب سياسية خارجة عن إرادة الشعب العراقي، وما سيترافق مع ذلك من تفعيل العلاقات العسكرية والاتفاقيات الأمنية فيما بين الثنائي الروسي الصيني مع الحكومة العراقية كخطوات استباقية لتقليص النفوذ الأمريكي في العراق والحد من تدخلاته السافرة في الشأن العراقي منذ انطلاق عملية عاصفة الصحراء وحتى اليوم.

ومما ينبغي التركيز عليه على مستوى الدول العربية ضرورة العمل على إيجاد بدائل لمسألة الاستيراد، والتحرر من قيود المديونية والتبعية للشرق أو الغرب، وذلك من خلال انتهاج سياسة اقتصادية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، والاستفادة من المقومات الاقتصادية الواعدة التي تتمتع بها العديد من الدول العربية لتشكيل كيان عربي اقتصادي منافس عالمياً بدلاً من البقاء عالة على ما تجود به أرض الغير، وهذا لن يتحقق دون العمل على مراجعة الأنظمة السياسية القائمة لاستراتيجياتها في علاقاتها الخارجية فيما بينها، والعمل على تخفيف حدة التوترات المفتعلة القائمة فيما بينها، والتفرغ لبنا تكتل سياسي عربي يتمتع بثقل دولي كبير وفاعل، وإلا فإنها ستظل عرضة للاستهداف والاستقطاب والصراعات البينية والخارجية على حساب مصالحها القومية الكبرى.

الإمارات والسعودية تمتلك العديد من الفرص للاستفادة من الأحداث الروسية الأوكرانية الراهنة إن أحسنت استغلالها، ولكن الضغوط الأمريكية قد تعيق ذلك بشكل كبير.

ومحور المقاومة لن يكون بمنأى عن المتغيرات القادمة في المنطقة، وعليهم الاستعداد لذلك بما يفرض وجودهم كلاعبين أساسيين في الساحة على جميع الأصعدة، وفي نفس الوقت عليهم البدء بوضع استراتيجية حقيقية لتوحيد الجهود المناهضة للمشروعين الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، والعمل على تفعيلها بشكل دقيق، فالمستقبل القادم في المنطقة هو مستقبل محور المقاومة إن شاء الله، وما ذلك على الله بعزيز.

مداخلة د. بسام أبو عبدالله

بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في العام 1991 لا شك ان الكثير من النخب الروسية اتهمت اخر رئيس سوفياتي الرئيس ميخائيل غورباتشوف انه تواطئ الى حد كبير على حساب مصالح روسيا الاتحادية وقدم للغرب هدايا مجانية دون أي ضمانات امنية لعدم توسع الناتو شرقا، وبالتالي تعاملت واشنطن والغرب والناتو بشكل عام مع روسيا كدولة مهزومة في الحرب الباردة، ومفهوم الدولة المهزومة ظل التعاطي معه لسنوات عديدة، والحقيقة ان هذا الامر ظل في عقل النخب الروسية وعقل الرئيس بوتين حتى هذا الوقت، ولذلك نرى كيف يتعاطى الرئيس بوتين مع الغرب، من منطلق ما اسماه الرئيس الأسد تصحيح التاريخ الذي ظلوا يتعاطون به مع روسيا على انها دولة إقليمية وليست قوى عظمة.

الصهاينة الذين حكموا موسكو في مرحلة الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن كاننوا يمسكون بالاقتصاد الروسي في تسعينيات القرن الماضي، وبالتالي نفس اللوبي والاولغارش اليهود الذين حكموا في مرحلة يلتسن التي تسمى غربيا (مرحلة ديمقراطية)، وهي مرحلة تالية لتفكك الاتحاد السوفياتي وكان هدف الغرب والناتو تفكيك روسيا الاتحادية عبر نفس القوى، لذلك نلاحظ ان الاولغارش في أوكرانيا من الرئيس الاوكراني الى طاقم حكومته والمتحكمين بمنظومة الفساد في اوكرانيا كلهم يهود وينتمون الى اللوبي الصهيوني، وهذا يضع إشارة استفهام للعلاقة بين روسيا وأوكرانيا، بمعنى ان اللوبي الصهيوني العالمي هو الذي دائما من يدمر هذه البلدان من الداخل.

كان هدف الرئيس بوتين في بداية عام 2000 هو تصفية الاثار الكارثية لمرحلة يلتسن، وبالتالي بدأ بإنهاء التمرد في الشيشان، ثم ترتيب البيت الداخلي، ثم البدء بتقليم اظافر الغرب الذي كان قد انشب اظافره في كل مفاصل المجتمع الروسي، والبدء بإعادة توجيه السياسة الخارجية.

تحرك روسيا اليوم لم يكن ممكنا في بدايات القرن ولهذا نجد ان السياسة الروسية لم تكن في بدايات القرن واضحة المعالم، ولكن الأكثر وضوحا عن السياسة الخارجية الروسية كان في 10 شباط عام 2007 في خطاب الرئيس بوتين في مؤتمر ميونيخ للأمن، ادان فيه الأحادية القطبية وأعلن رفض روسيا لموضوع الأحادية القطبية.

اول احتكاك بالغرب كان في جورجيا في اب عام 2008، وقد حسم الروس المسألة بالدبابات لان الهدف كان محاولة تغلغل الناتو أكثر داخل الأراضي الروسية، ولكن عمليات تطويق روسيا استمرت عبر 4 مراحل لضم دول مطلة على البحر الأسود وفي أوروبا الشرقية وفي البلطيق الى الناتو ولم يبق امام روسيا الا بيلاروس وأوكرانيا، وقبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جرت محاولة عبر ثورة ملونة في بيلاروس لقلب الأوضاع ضد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو وهذا الامر احبطه الروس بالتعاون مع لوكاشينكو، فبقيت أوكرانيا التي فيها بنية تحتية للناتو بيولوجية ونووية للانقضاض على روسيا في لحظة ما، وهذا الامر سبقه إعادة ضم القرم الى روسيا في العام 2014 لفتح بوابة روسيا باتجاه البحر الأسود، وفي العام 2015 انخرط الروس في سوريا لبوابة أخرى على البحر المتوسط.

وإذا تتبعنا كل هذه المراحل التاريخية سنجد ان محاولات تطويق روسيا باعتبارها الدولة التي ممكن ان تشكل المشروع الاوراسي والدولة الخطيرة في مساحتها ولكنها الضعيفة بمنافذها البحرية، وكان لا بد من اغلاق هذه المنافذ ونجحت روسيا من خلال الانخراط في سوريا وضم القرم من المحافظة على هذه المنافذ البحرية.

قبل أوكرانيا أيضا كان قد بدأ الحراك في كازاخستان وقد تم التعامل مع هذا الامر بسرعة من قبل منظمة الامن والتعاون خلال أيام وانتهى الموضوع في كازاخستان، المحاولات هي ضد روسيا والصين وإيران وكل القوى التي تتحدث عن رفض الهيمنة الأميركية وتعلن مواقف، ولكن يجب ان نشير الى ان حتى الغرب عندما يدعي ان الرئيس الاوكراني هو رئيس منتخب يجب ان نتذكر ان الرئيس فيكتور يانوكوفيتش هو أيضا كان رئيس منتخب وجرى الانقلاب عليه.

موسكو لم يكن في ذهنها الذهاب الى أوكرانيا وكانت تعتقد ان المسار الدبلوماسي يمكن ان يوصلها الى بعض النتائج، فاذا عدنا الى مينسك 1 ومينسك 2 كان اقصى مطالب الروس إعطاء دونيتسك ولوغانسك نوع من الحكم الذاتي، ولكن الأطراف الأخرى في أوكرانيا اجتثت اللغة الروسية والثقافة الروسية وكل ما يتعلق في روسيا هناك، وهذا الامر كمن يحاول ان يخرج لبنان من فضاؤه العربي والإسلامي والمسيحي.

 في أوكرانيا هناك تيار قومي متطرف نازي وعنصري بكل معنى الكلمة، وهؤلاء احفاد ما يسمى بـ "بانديرا" في الحرب العالمية الثانية الذي قتل مع مجموعاته 40 ألف جندي سوفياتي وكان يتعاون مع النازيين وهذه القضية لها بعض ثقافي.

هناك مجموعة دروس تستخلص لنا جميعا في المنطقة بشكل أساس:

- الديمقراطية الى اين واي ديمقراطية كان الغرب يتحدث عنها.

- أي حرية اعلام بعد ان انكشف الاعلام الغربي.

- أي انحطاط أخلاقي وحضاري ظهر لدى الغرب.

هذا يؤكد ان محور المقاومة منذ البداية والرئيس الأسد عندما رفض مطالب كولن باول كان محقا، والخيار كان باتجاه المقاومة، وهذا يؤكد ان خيار المقاومة سواء موقف سوريا، إيران، حزب الله، الاخوة في اليمن هو الموقف الصحيح وهو الموقف الاستراتيجي وليس التكتيكي.

العالم يتغير بعد أوكرانيا وعندما يقول رئيس وزراء باكستان "لسنا عبيدا لكم"، هذا الكلام لم يكن يسمع في العام 2003 ولذلك من دفع ثمن هذا التحول هو محور المقاومة في غرب اسيا، كلام الرئيس الأسد منذ العام 2003، السيد خامنئي، السيد حسن نصرالله، وكل هذه القوى التي دفعت الاف الشهداء ثمنا لهذا التحول، فهذا التحول لدى الروس لم يحدث لو لم يكن هناك سند في هذه المنطقة من قوى مقاومة ومن هو مستعد للتضحية في مواجهة الهيمنة الأميركية وحفاظا على الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية.

لذلك التحول يجب ان نقرأه في الأمم المتحدة فـ 35 دولة تحفظت على تأييد الولايات المتحدة الأميركية وبغض النظر عن نمط هذا التحفظ، لكن لو راجعنا هذه الـ 35 دولة سنجد انها دول في اسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية وهي دول وازنة وذات تأثير، و9 دول رفضت التصويت خوفا لان لها مصالح مع الطرفين الروسي وأوروبا وأميركا.

مع العملية الروسية بعض حلفاء اميركا كانوا في موسكو كرئيس وزراء باكستان عمران خان، ورئيس أذربيجان الهام علييف، وبالتالي العالم يتغير.

دمشق أيدت مباشرة العملية العسكرية الروسية ووقفت الى جانب روسيا في الأمم المتحدة وهذا ليس من باب الوفاء فقط ولكن هناك مصالح، فدمشق تؤمن بأن ما بعد أوكرانيا غير ما قبلها، وبأن هذا الامر سينعكس على الموقف من الكيان الصهيوني وعدوانه المستمر في المنطقة، وانعكاس ذلك على الموقف التركي وموضوع ادلب الذي اليوم يرى الروس بأنه تحول خزان لتصدير الإرهابيين لقتل جنودهم في أوكرانيا، واعتقد ان موسكو ستدرك ان قوى محور المقاومة هي القوى الوحيدة التي يمكن ان تستند اليها في المنطقة لإجراء هذا التحول العالمي، سنرى إذا كان هذا الامر سينعكس على استهداف الاحتلال الأميركي في مناطق الجزيرة.

سوريا موقفها واضح ومحسوم لكن العراق يبقى هناك انقسام وهذا الامر قد ينعكس هناك، وحتى القوى المؤيدة لأميركا ستغير الكثير من مفاهيمها بعد هذه التحولات، وبالتالي اعتقد ان هذا الامر سينعكس علينا إيجابا وتركيا سيكون موقفها مختلف تماما ما بعد أوكرانيا، وسيرون ان الرئيس بوتين في ما يتعلق بتنفيذ الاتفاقيات يفترض ان تنعكس إيجابا على إيجاد حل سياسي في سوريا.

هناك في الصراع في أوكرانيا بعد حضاري لنا جميعا، أولا خصوصية مجتمعاتنا دور الدين والهوية ورفض قيم العولمة الأطلسية وهذا نشترك به، النزعة المادية التي تريد العولمة تدمير الاخلاق والاسر والنشيج الاجتماعي، هذا نشترك به مع الروس والصينيين والجمهورية الإسلامية، وبالتالي هذا جزء من الصراع، وليس فقط صراع سياسي وعسكري او موضوع الطاقة.

مداخلة الأستاذ حسن لافي

اعتقد ان الازمة الروسية الاوكرانية ازمة مفتعلة اميركيا بشكل أساسي، والحل الدبلوماسي اغلق اغلاقا كاملا وبأيدي أميركية، فلماذا اميركا تغلق الحل الديبلوماسي؟، والمطالب الروسية في أوكرانيا هي مطالب عادلة وليس فقط مطالب دولة عظمى، هي مطالب أي دولة إقليمية معتبرة بأن لا يأتي عدوها المباشر وينشر سلاحا كاسرا للتوازن على حدودها الصفرية وليس على الحدود البعيدة المدى.

اميركا لماذا تذهب الى ذلك وسلوكها ليس صحيحا ولا يتلاءم مع السياسة الأميركية المليئة بالغطرسة والعنجهية؟

الأميركي لديه مشكلة منذ عام 2014 بأن هناك عصيان أوروبي تجاه الأميركي وبدأ الأوروبي يتملص من الأميركي كمسؤول لـ "العالم الحر"، لدرجة ان في افتتاح مقر الناتو، قال دونالد ترامب ان هذا حلف قديم وعجوز ولا مبرر لوجوده، والان عندما أتت إدارة جو بايدن الى البيت الأبيض اهم مشكلة لديها انها ارادت ان تعيد اميركا الى ذروة عهدها السابق كزعيمة لـ "العالم الحر".

هناك مشكلتان أساسيتان تواجه اميركا، المشكلة الأولى الصين والمشكلة الثانية ان الأوروبيين والاتحاد الاوروبي بدأوا يتفلتوا وغير منصاعين لأميركا.  هذه الازمة ماذا أفادت الأميركي؟

أولا هناك "البعبع" التاريخي للأوروبيين وهو روسيا واتاهم الدب الروسي من الشرق، لذلك ألمانيا التي تناغم الروسي لكي تصل الى الصيني فهي دولة صناعية والاكثر قوة وقدرة ومطامح لتتزعم "العالم الحر"، خاصة مع تعالي أصوات العزلة الأميركية.

أجبروا الروس الى الدخول الى أوكرانيا، وكل أوروبا الان تجري وراء الأمريكان للمظلة والحماية، والأوروبيين بدأوا يتحدثون عن عودة الناتو الى حيويته وضخ أموال فيه، وأميركا تريد ان تدخل روسيا الى أوكرانيا وتسحب زيلينسكي​، وكما قالت بريطانيا تعال خذ لجوء سياسي ونشكل حكومة في المنفى، ومن سيأتي رئيسا في أوكرانيا لن يعترف به العالم حتى لو قامت روسيا بانتخابات ديمقراطية وشفافة، وستتحول أوكرانيا في ظل العقوبات الاقتصادية الى عبء جديد وحرب استنزاف على غرار أفغانستان الاولى.

إذا انتصرت روسيا هو امر ممتاز ولكن إذا اميركا استطاعت ان تورط الروس وتقبل روسيا بعد فترة ما بالشروط الأميركية او على الأقل لا تحقق كل ما ارادته، فهذا يعني تجديد للروح الأميركية على الأقل لمدة 10 الى 20 عام في العالم، وسيكون درسا لكل الذين تفلتوا خلال الازمة بأن لا خيار سوى الخيار الأميركي، بمعنى قد يكون الأميركي افتعل هذه الازمة لتجديد حيويته كقائد لـ "العالم الحر".

اعتقد ان اول من أدرك هذا السيناريو هو الجمهورية الإسلامية في إيران، والان الأولية ليس الدعم الروسي او هزيمة اميركا، بل الأولوية تحقيق الاتفاق النووي بما يضمن الحق الإيراني ومحور المقاومة.

الفصائل الفلسطينية حتى الان ملتزمة الصمت او عدم إعطاء موقف حقيقي واساسا نحن لا نؤثر كثيرا في المعادلة.

الان العالم الغربي بدأ يدرك ان هذه الشرعية الدولية هي شرعية كاذبة وما تم تنفيذه في أوكرانيا لم يتم تنفيذه في فلسطين والعراق واليمن وأفغانستان وفنزويلا ولا في أي مكان... وكأن الشرعية الدولية الأميركية هي عبارة عن ورقة مصالح أميركية، واعتقد انه سيكون هناك تراجع لدور المؤسسات الدولية وخاصة على المستوى الشعبي.

هناك خوف فلسطيني ان تؤثر هذه الازمة العالمية على امرين:

أولا على القضية الفلسطينية وتعود هذه القضية متراجعة على سلم اهتمامات العالم، بمعنى انه يمكن ان ينتهز الإسرائيلي هذا الجو المريح اعلاميا ويبدأ بغطرسة جديدة وانتهاك جديد سواء بافتعال مشكلة مع غزة او باستمرار المجازر المسكوت عنها في الضفة الغربية والقتل الممنهج اليومي على الحواجز وخاصة في منطقة القدس.

المستوى الثاني وهو مستوى محور المقاومة وهو فيه الكثير من التفاؤل والامل، روسيا في كل الاحتمالات لن يكون لها المجال الا الذهاب شرقا ولكي تصل شرقا لا بد ان تمر عبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسينكسر جدار العقوبات الاقتصادية.

حتى الان اسرائيل تدير الازمة بكفاءة ولم تغضب اميركا ولم تغضب روسيا بالرغم ان الشعب الإسرائيلي مع الأوكران ولكن تخشى روسيا، وبينت حاول الدخول في لعبة الوساطة وليس من اجل نجاح الوساطة ولكن لان الوسيط لا يعطي موقف، فهو يريد ان يأخذ مساحة من الوقت بأن لا يعطي موقف، ولكن استمرارية العمليات القتالية والازمة ستضطر الإسرائيلي ان يختار اما روسيا واما اميركا وهو سيختار اميركا قولا واحدا.

الإسرائيلي يحاول ان يوازن حتى الان ولكن الى أي مدى سيستطيع اللعب على هذا الحبل شديد الانحدار، فانه لا يستطيع ان استمرت الازمة. نحن كمحور مقاومة ودول عانينا كثيرا من هذه الازمات والحصار، لا بد ان نكون جاهزين لكل السيناريوهات.

مداخلة د. هادي افقهي

التزم الجميع موقف سماحة السيد القائد علي خامنئي سياسيًا استراتيجيًا وحتى إعلاميًا وديبلوماسيًا، بأنه نحن نعارض الحروب أينما كانت وأن الجمهورية الاسلامية تميل جدًا الى حل النزاعات والخلافات عن طريق الحوار الديبلوماسي والمفاوضات، كما هي فعلت في الكثير من الازمات التي عانت منها بدءا من الحرب العراقية على الجمهورية الإسلامية، والان موضوع الملف النووي الذي يشغل بال العالم والكل يترقب ويترصد، سماحة السيد القائد أطلق هذا الموضوع باننا نعارض أي حرب وتدمير المدن والاضرار بالشعوب أينما كانت هذه الحروب.

الإشارة والتركيز على السبب الأساسي وعلت العلل التي أدت الى نشوب هذه الازمة حيث ركز السيد خامنئي بأن اميركا هي التي سببت كل هذه الازمة وهيأت لها وبرمجت لها وخططت لها ودعمت لهذه الازمة، وليس فقط ما استثمرته وصرفته في أوكرانيا، ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي الى يومنا هذا وهي تحاول الحفاظ على القطبية الأحادية وثانيا تطويق أي بلد واي نظام واي حكومة واي حركة تحرر أينما كانت والقضاء عليها وافتراسها، وخير دليل على ذلك ما حصل معنا في الجمهورية الاسلامية بعد انتصار الثورة على نظام الشاه المستبد وعلى الهيمنة الاستكبارية الأميركية.

نحن الان في هذه الازمة ذات موقفين واضحين وشفافين، اولا نحاول ان يهدأ الوضع، وإيران قد أعلنت على لسان السيد خطيب زادة انه: "إذا توفرت الظروف ممكن لإيران بما لها من علاقات مع روسيا الفيدرالية ومع أوكرانيا ممكن ان تقوم الجمهورية الإسلامية بالوساطة إذا وافق الطرفان ووافقا.

ثانيا، هذه الازمة بشكل مباشر وغير مباشر ستؤثر على وضعنا سلبا او إيجابا، سلبا إذا تشظت هذه الحرب وبدأ البعض ينظر بانه ربما هذه تكون مقدمة لحرب عالمية ثالثة، ولا نستبعد ذلك فهذا الامر مطروح.

المفاوضات النووية التي وصلت الى مدياتها الأخيرة ولم يبقى الا بعض الخلافات وهي معدودة جدا في ما يتعلق بالضمانات التي يجب ان تقدمها اميركا، وعلى ضوئها طرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الضمانات بعد التوقيع لروسيا وحفظ مصالحها وعدم ادراج التعامل من خلال الاتفاق النووي لروسيا في لائحة العقوبات كما يحصل الان في ساحات أخرى بعيدا عن مخرجات الاتفاق النووي، وبالتأكيد الروسي كما الصيني والفرنسي والألماني والبريطاني لهم كلهم مصلحة في التوقيع على هذا الاتفاق ومخرجاته، باننا انطلقنا من معادلة "رابح رابح"، ولحد الان اميركا لم تعطي ضمانات.

الحرس الثوري الذي ما زال على لائحة العقوبات تحت عنوان انه منظمة إرهابية، هم يقولون انهم يستطيعون الغاء الحرس الثوري من لائحة العقوبات ولكن بشرط ان لا يتعرض الحرس بقواته لمصالحهم وقواعدهم وجنودهم في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ترفضه إيران جملة وتفصيلا، لان بعد استشهاد الشهيد الكبير الحاج قاسم سليماني ورفاقه، أعلن السيد خامنئي ان الثمن والانتقام والقصاص الحقيقي لهذه الجريمة هو اخراج اميركا من منطقة غرب اسيا، وهذا ليس شعارا وهناك خطوات وغرفة عمليات وتخطيط وبرمجة ولوجستيا واحداثيات وهذا واقع، والأميركي يدرك هذا الامر تماما، فإيران رفضت موضوع إعطاء الضمان مقابل الضمان، فموضوع الحرس الثوري يمس بسيادتنا ومصالحنا وامننا الاستراتيجي وليس فقط امن المنطقة، وفي اول خطاب لسماحة السيد القائد بعد استشهاد الحاج الشهيد قاسم سليماني، قال: "اليوم قوات القدس أصبحت قوات بلا حدود تناصر المستضعفين أينما ما كانوا بقدر ما يمكن لها وبحسب أولوياتها"، وهذا تدركه اميركا باننا نحن مقابل الغطرسة الاميركية وضد التمدد الصهيو- أميركي مهما بلغ حجمه، وهذا موقف ثابت سميه ايدلوجي، استراتيجي، تكتيكي، ومن هنا انطلقت فكرة محور المقاومة التي تبناها فيلق القدس وخصوصا دور الشهيد الكبير الحاج قاسم سليماني.

على ضوء زيارة السيد رافائيل غروسي الى طهران، فهو اتى في رسالة ملغمة فهو كان مأمورا ومبعوثا من قبل الأميركيين ومجموعة الثلاثية الأوروبية في ما يتعلق بالمسار النووي الان، مفادها إذا تريدون ان نصل الى اتفاق نهائي ويوقع الجميع عليه، يجب ان تجيب إيران على الكثير من الابهامات وعلى الكثير من شروطنا، وتلقفت ايران الرسالة وتعاملت معه بأدب وواقعية وشفافية واحترام، وهو يدعي بأن هناك بعض الأماكن التي تقوم بها ايران بأنشطة نووية سرية وخفية وهذا مدعاة للقلق للمجتمع الدولي وللوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تقرير مصير أجهزة الطرد المركزي من الجيل السادس، وهو الذي قفز بإيران بعد ضربة نطنز وبعد القرارات التسعة التي أصدرها البرلمان الإيراني والزم بها حكومة الرئيس روحاني وكذلك الان الرئيس رئيسي، وهو تحديد نشاطات مفتشي وكالة الطاقة الذرية، والقفز مرة أخرى بعد ضربة نطنز، فهم كانوا يتصورون ان إيران سترفع العلم الأبيض وستستسلم على طاولة المفاوضات في حين انه حصل العكس، قفزت إيران من خلال أجهزة الطرد المركز من الجيل السادس الى 20 والان الى 60 بالمئة، وهم يعرفون دور هذه الأجهزة، ونحن على اعتاب أجهزة الطرد المركزي من الجيل الثامن والتاسع.

في كل الأحوال، يطلب السيد غروسي اما تدمير هذه الأجهزة او إخراجها خارج إيران، ونحن نقول عندما لا تعطينا ضمانات اميركا وتستخدم أسلوب الغطرسة والمنطق الوقح وغير المتزن وغير القانوني وغير الحقوقي، وتريد ان تدمر أجهزة الطرد المركزي، وهذا من باب التندر نتحدث عنه.

الكاميرات التي زرعها مفتشو وكالة الطاقة الذرية ولكن ابعدناهم عن الحضور في هذه المنشآت بسب الضربة وعدم تحقيق مطالبنا بطاولة المفاوضات في جنيف وفي فيينا الان، وقلنا للسيد غروسي بأننا سنجيب على كل هذه الأسئلة ومن هنا توقفت الان المفاوضات، لكي تتم الإجابة على هذه الأسئلة ويرفعها السيد غروسي الى طاولة المفاوضات في فيينا، ولننتظر كيف ستجيب إيران. وفي خضم هذه المفاوضات والتوقف بين الفينة والأخرى أتت الازمة الأوكرانية الروسية، طرح لافروف مفهوما مشابها لمفهوم إيران بما يتعلق بموضوع الضمانات.

الاعلام الغربي المغرض، حاول ان يستغل هذه لإيجاد شرخ بين روسيا وإيران، بان إيران ستذهب الى المعسكر الغربي وستفتح اميركا كل الأرصدة وترفع الحصار عنها، وسيتدفق الغاز والنفط الإيراني بدلا من الغاز والنفط الروسي، وهذا ما تبناه الأميركي.

 هذا الكلام يدعم موقف إيران بالضبط بالمطالبة بالضمانات، الى جانب الروسي الصيني كذلك طالب الاميركيين بضمان مكتوب، ما تريده إيران هو الضمان للجميع وليس لها فقط ومتى ما شاءوا يخرجون ويفرضون عقوبات أخرى ونعود للمربع الأول.

الخلاصة، نحن لا نسمح بالعبور على خطوطنا الحمر التي رسمتها الجمهورية الإسلامية قبل ان تبدأ بالمفاوضات، الغاء العقوبات والتأكد منها، الضمانات، ودفع الخسائر الناجمة عن الخروج من الاتفاق. نؤيد الموقف الروسي بمعنى ان الجميع يريد ضمانات مكتوبة. وما يربط إيران وروسيا والصين ليس فقط اقتصاديا، والشاهد على ذلك المناورات التي تقام في بحر عمان وبحر العرب وهذا يدل على اننا ذاهبون مع الروس والصينيين الى تغيير المعادلات الجيوسياسية والجيواستراتيجية في المنطقة.

مداخلة د. عماد رزق

روسيا والصين وإيران هذا حلف واحد ويد واحدة وذاهبون الى بناء عالم جديد وهو مرتبط بواقع الازمة التي نراها اليوم، وما نشاهده في أوكرانيا هو معركة ممكن ان تتحول الى حرب، وواقع الازمة اليوم بأن مفهوم السيادة الذي كان الجانب الأميركي على مدى العقود الماضية يهمش فيها الدول وسيادة الدول ومفهوم الدول، اخترع مؤخرا مفهوم التدخل الإنساني وتحت هذا العنوان أصبح يتدخل في شؤون دول أخرى وهذا خارج المنظمة الدولية او ما تم التوافق عليه بمؤتمر يالطا بعد الحرب العالمية الثانية.

نحن ذاهبون الى شيء يكون جذري في التعاطي مع الأحادية الأميركية، ولن نعود الى الثنائية ولن نعود ربما الى التعددية القطبية لان العالم اليوم ذاهب الى شكل من اشكال التعاونية التنافسية فالأقطاب جميعا ستكون بحالة صراع وتنافس اقتصادي. الجانب الروسي يرفض ان يكون هناك تكتلات، وبالتالي فهو يطالب كما انتهى حلف وارسو بأن يتم انهاء موضوع حلف الناتو بسبب الأذى الذي تتعرض له دول الاتحاد الاوروبي، هي ازمة بين المانيا وبريطانيا، وبين فرنسا وألمانيا، بين دول شرق أوروبا وأوروبا، وإذا الاتحاد الأوروبي في ازمة كبرى.

والازمة الأخرى التي يعيشها المجتمع الليبرالي الرأسمالي الغربي هي العلاقة بين الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وبتراجع الكثير من الدول التي فرضت عقوبات في البداية على روسيا واليوم تحاول ان تتملص وتخرج من هذه العقوبات او تتفلت منها. ما نراه هو ازمة اخلاق وأزمة ثقة لذلك كل الدول تطالب بضمانات مكتوبة، خصوصا بعد الموقف الأميركي الأخير وتراجعه في الاتفاق النووي الإيراني.

الاسواق المالية غير المستقرة ستتمدد وتتوسع وهذا ما نشهده في لبنان، وأيضا حرب العملات التي يخضع لها لبنان من خلال العقوبات الأميركية المفروضة والحصار المالي الأميركي المفروض عليه والذي أدى الى تدهور العملة في لبنان ورأيناها في سوريا واليوم في روسيا.   وهو يهدد النمو لان دولنا رغم كل الصراع الحاصل وخط المقاومة الذي كان يتهم دائما من الغرب بأنه ظلامي، الا انه حقق استقرار وتقدم بمعنى الصمود. سنرى ضرب للثروات ورأينا في لبنان البنك المركزي الذي هو على تنسيق مع اميركا كيف اخذ ثروات اللبنانيين، ولذلك أصبح هناك فقدان للثقة بين الدولة والطبقات الشعبية.

اميركا فرضت عقوبات على روسيا وبسبب ذلك نرى هذا التفكك في النظام الاقتصادي العالمي، ارتفاع بأسعار الطاقة وبأسعار المعادن وكأننا نعيش اليوم ارهاصات حرب عالمية ببعدها الاقتصادي، وقد دخلنا بأزمة غذاء عالمية. إن الجانب الروسي وأيضا الجانب الصيني ليسا ضد العولمة ولكن ليس بالشروط الأميركية.

"إسرائيل" لديها ازمة ثقة مع اميركا ومع روسيا وبالتالي تخضع للشراء والبيع، وتركيا ستكون في ازمة ثقة وغير مدركة ان كانت مع روسيا او اميركا او الصين، والدول العربية التي تترأسهم مصر والسعودية والامارات في ازمة بنيوية.

الجانب الروسي يحقق بسبب إنجازات المقاومة التي حصلت في الأعوام العشر الماضية وربما ستستمر هذه الإنجازات مع الجانب الصيني، وهذا كله سيعود بالنفع على لبنان وسوريا وعلى المنطقة وبالتالي غاز ونفط شرق المتوسط لن يكون لمصلحة "إسرائيل" وليس على حساب شعوب هذه المنطقة.  لست متخوفًا على المنطقة ولكن متخوف فقط من حجم التضخم ومن تداعيات الازمة الاقتصادية، ولكن مجتمعنا اعتاد على الحصار والعقوبات والاقتصاد المقاوم ولن يتأثر بقدر ما ستتأثر أوروبا، ولكن لان أوروبا ستتأثر فإن حوض المتوسط سيتأثر، ومن المشكلات التي قد تصبينا هي الى أي مدى ستطول هذه المعركة في أوكرانيا وتداعياتها على دول الجوار.