• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
مقالات مترجمة

"يديعوت احرنوت": إسرائيل دولة قومية وليست دولة هجرة


يبدو استيعاب اللاجئين كقيمة مثالية كونية. تعالوا بجموعكم، يقول مؤيدو الهجرة الحرة، ويروجون لمجتمع منفتح، متنور ومتعدد الثقافات. بقدر ما يدور الحديث عمن فر للنجاة بروحه – لا جدال.

البوابات ملزمة بأن تفتح. لكن بالنسبة لكل من تبقى، فإن الهجرة الحرة هي أحيانا وصفة مؤكدة للمس بالمجتمع الأهلي، بالمجتمع، وبالدولة. لأن دولة الرفاه هي نتيجة الدولة القومية. وكلما أصبح المجتمع متنوعا يكون التكافل أقل.

الدولة القومية، كما كتب الكثير من الباحثين، خلقت دولة الرفاه. ولأنه توجد حاجة لقاسم مشترك، من الثقافة، الأصل، التراث أو الدين من أجل دفع ضرائب عالية، تساعد الضعفاء. وبشرط أن يكونوا مشابهين.

منذ 2004 نشر الصحافي البريطاني ديفيد جودهارت مقالاً في «بروسبكت» تحت عنوان «عدم راحة الأجانب». أثار المقال نقاشا جماهيريا واسعا. فقد كانت فكرته المركزية: في الماضي كنا مجتمعا منسجما، مع قيم مشتركة. وهكذا حظينا بالتكافل وبدولة الرفاه. موجات الهجرة خلقت تنوعا. وكلما اتسع التنوع تآكلت الفكرة المشتركة. ودون فكرة مشتركة، كما ادعى جودهارت، يقل التكافل.

البروفيسور روبرت بوتنهام من هارفرد كان حتى أكثر قطعا: «اثر المجتمع المتنوع أكبر بكثير مما قدرنا»، ادعى. «هذا ليس أننا لا نثق بالناس المختلفين عنا. في التجمعات السكانية المتنوعة نحن نفقد الثقة حتى بمن يشبهوننا. يمكن أن نسمي هذا «التناقض الليبرالي» – كلما كان المجتمع أكثر انسجاما – يكون متكافلا أكثر. كلما كان متنوعا أكثر يكون مغتربا أكثر.

ينبغي النظر إلى المهاجرين في أوروبا، أبناء الجيل الثاني والثالث. بعضهم يتكيفون ويندمجون. بعضهم يبقون غرباء. أحيانا يكون هذا موضوع ثقافة. الهنود الذين جاؤوا إلى بريطانيا من شبه الجزيرة الهندية اندمجوا وهم اليوم المجموعة الأصلية الأكثر ثقافية.

بعض من المسلمين، الذي جاؤوا من المناطق إياها وفضلوا الحفاظ على قيم إشكالية، نجحوا بقدر أقل بقليل.

تتصدى إسرائيل لمعضلات مشابهة، هكذا بحيث أنه توجد صلة بين قانون المواطنة وبين الهجرة من إثيوبيا ومسألة اللاجئين من أوكرانيا.

استهدف قانون المواطنة تقليص هجرة سكان كيان معادٍ. ينبغي للمرء أن يكون مجنونا كي يوافق على هجرة من منطقة توجد فيها أغلبية من مؤيدي حماس. لكن رغم ذلك، هناك أناس طيبون يؤيدون مثل هذه الهجرة.

من إثيوبيا جاء يهود، كانوا ينتمون إلى بيت إسرائيل. معظم أولئك الذين يأتون في السنوات الأخيرة ليسوا من مستحقي قانون العودة بل أساسا نصارى ومتنصرون. تأتي المعارضة لمواصلة الهجرة  أساسا من أبناء الجالية القدامى. كلما كانت إسرائيل أكثر سخاء، فإن موجات طالبي الهجرة ستزداد، ولكل عشرة آلاف يصلون رغم أنهم غير مستحقين، يوجد عشرات آلاف من الأقرباء ممن سيطلبون هم أيضا حق الهجرة.

هذه هي إحدى الخدع الأكبر في العقد الماضي، ولكن لا توجد حكومة في إسرائيل قادرة على أن تقول الأمر اللازم: فقط مستحق قانون العودة، ويوجد قلة كهؤلاء، يستحقون القدوم كمهاجرين جدد.

بالنسبة لأوكرانيا ليس ثمة ما نخشاه من هجرة جماعية. أولئك الذين يأتون إلى هناك سبق أن مروا عبر دولة أخرى في طريقهم إلى هنا. يمكن الافتراض بأنهم كانوا يفضلون ألمانيا أو فرنسا. وإذا كانوا وصلوا إلى هنا، فهذا لأنه يوجد لهم أقرباء في إسرائيل. ينبغي أن نفتح البوابات لملجأ مؤقت. لا يوجد أي تخوف من الغرق.

ثمة حاجة إلى أمرين آخرين. الأول، مساواة كاملة للأقلية العربية. إذ إننا كنا أقلية. وما نكرهه لا ينبغي أن نفعله للآخرين. وثانيا، ثورة تهويد تسمح لمئات آلاف الإسرائيليين ممن جاؤوا أساسا من شرق أوروبا أن يجتازوا مسار تهويد سريع. فقد ربطوا مصيرهم بالشعب اليهودي. اندمجوا وهم يخدمون هنا كجنود، كمهندسين أو كأطباء. توجد فرصة للتحرر من الاحتكار الحريدي المتطرف، وتوجد منذ الآن أغلبية أرثوذكسية لمثل هذا الإصلاح.

إسرائيل هي دولة قومية وليست دولة هجرة. من حق كندا أن تقرر إنها دولة هجرة، ومن حق إسرائيل أن تشرح وتوضح: يوجد عدد لا يحصى من الدول الإسلامية والمسيحية. وتوجد فقط دولة يهودية واحدة، أقيمت كملجأ وكوطن قومي للشعب اليهودي. «التنوع» لم ينجح في يوغسلافيا التي تفككت إلى سبع كيانات لكل واحد منها يوجد طابع قومي، ثقافي، اثني وديني مختلف. كما أن الاتحاد السوفييتي تفكك إلى 15 كيانا في ظل ممارسة حق تقرير المصير، الذي هو حق أساس في قانون الشعوب. ومن يُرِدْ أن يغرق إسرائيل بالمتسللين، بالمهاجرين وبطالبي اللجوء يمس أيضاً بالحق الأساس بل ويخلق أيضا «تنوعاً»، أثره طويل المدى سيكون هداما. لا، هذا لن يحصل بسبب آلاف قليلة يـأتون الآن من أوكرنيا. ولكن إذا ما استمعنا للكتائب المتنورة، وسمحنا بهجرة حرة أو شبه حرة، للفلسطينيين، للأوكرانيين وللمهاجرين وللمتسللين من إفريقيا أيضا فليس التكافل هو ما سينمو لنا، بل مجتمع خطير ومغترب. يجدر الحذر.