• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
مقالات مترجمة

"فورين بوليسي": رسم نتنياهو خريطة طريق للعلاقات الأميركية - السعودية لكن على بايدن ألا يتماشى معها


نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية مقالا للكاتب جيمس تروب تناول فيه خريطة طريق العلاقات الأميركية – السعودية التي رسمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع اهتمامه بموضوع واحد هو إخراج إسرائيل من عزلتها، وضم السعودية إلى نادي اتفاقيات إبراهيم التي تضم الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. وفي ما يلي نص المقال مترجم الى العربية:

بنيامين نتنياهو هو رئيس وزراء إسرائيل منذ ستة أسابيع. وضمن المسار الطبيعي للأمور، سيأتي إلى واشنطن في أي يوم الآن. لكن هذا الوقت ليس عاديًا. يقال إن كبار المسؤولين حول الرئيس الأميركي جو بايدن قلقون من دعوة نتنياهو الغارق في الجدل حول معاملته للفلسطينيين والإصلاح القضائي المقترح الذي سيخضع المحكمة العليا الإسرائيلية لبرلمانها.  ومن المرجح عندما يأتي ـ وهو ما سيفعله قريبًا ـ أن يلقى نتنياهو محاضرة صارمة من صديقه القديم بايدن من ذراعه المعتاد حول الكتف. لكن نتنياهو سيكون لديه إجابة عن أي نصائح حول سياسة إسرائيل الداخلية. قد يجري الحوار كالتالي:

نتنياهو: "يمكنني كبح جماح الجناح اليميني في ائتلافي إذا أعطيتني ما أحتاجه حقًا". وما يريده هو إصلاح العلاقات مع السعودية.

وبحسب خبراء إقليميين فإن نتنياهو ـ إلى جانب مخاوفه من الانتهاء بالسجن بسبب اتهامات الفساد – مهتم بموضوع واحد هو إخراج إسرائيل من عزلتها، وضم السعودية إلى نادي اتفاقيات إبراهيم التي تضم الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. ويعتقد نتنياهو أن الولايات المتحدة قادرة على إقناع السعودية، فقد أخبر ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين أنه يريد من واشنطن معاملة بلاده كقوة إقليمية، ويكون ذلك من خلال استئناف صفقات الأسلحة التي أوقفت في الخريف الماضي وتقديم واشنطن التزامات أمنية تمنحها عادة لحلفائها المقربين.

يعتقد نتنياهو أن بايدن قادر على القيام بالمهمة، وهذا الاعتقاد فكرة رهيبة. لقد قامت اتفاقيات إبراهام على إعادة أقلمة الثقافة السياسية العربية. ففي الماضي استندت شرعية الأنظمة العربية المهتزة والضعيفة على استعداء إسرائيل. وفي الوقت الذي دخلت فيه مطالب الفلسطينيين في حالة من الجمود طيلة الأعوام الـ30 الماضية، باتت الجمهورية الإسلامية الثورية في إيران تمثل خطرًا على جاراتها في دول الخليج وإسرائيل. وتغلب منطق العدو المشترك على الالتزام الأيديولوجي الذي فقد قيمته بالمقايضة، وعلى الأقل بين الطبقات الحاكمة. ووقّعت الإمارات بدفع من دونالد ترامب اتفاقية دبلوماسية مع إسرائيل في آب/أغسطس 2020، وتبعتها دول أخرى.

لقد أيقنت أن الاتفاقيات باتت حقيقة عندما لاحظت في إحدى زياراتي المنتظمة إلى فرع جامعة نيويورك في أبوظبي تجمعًا لليهود الأرثوذكس في ممر قريب من قاعة التدريس التي كنت أحاضر فيها. وفي نهاية الأسبوع الماضي، عقد الطلاب الإماراتيون الذين أعلمهم نقاشًا حول إسرائيل وما إذا كانت شريكًا جيدًا للعرب. وكان الطرف الموافق على أنها جيدة يدعو إلى ضرورة النظر إلى الأمام وليس إلى الخلف.

وبعيدًا عن هذا، فالجزء الجوهري من اتفاقيات إبراهام هو التعاون الأمني الإقليمي ضد إيران. وقد وقّعت إسرائيل اتفاقيات أمنية مع المغرب والبحرين، وتساعد الإمارات في الدفاع الصاروخي بعد الهجمات على أبوظبي التي أطلقها الحوثيون حلفاء إيران في اليمن، وأصابت الهجمات السعودية أيضًا، ودفعت دول الخليج أكثر نحو إسرائيل وقدراتها الدفاعية الصاروخية المتمثلة في القبة الحديدية.

ربما كان نتنياهو محقًا في اعتقاده أن الشرق الأوسط سيكون مختلفًا في حال انضمت السعودية إلى اتفاقيات التطبيع، فهي سدانة الحرمين في مكة والمدينة وقوة اقتصادية ومدافعة عن الفلسطينيين. وتمت مناقشة الموضوع بشكل مفتوح في الرياض، إذ إن محمد بن سلمان ليس أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين من الرئيس الإماراتي محمد بن زايد. فلم يعترض على نقل ترامب السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وهو قرار أغضب الفلسطينيين وأنصارهم.

يقول المسؤول السابق في إدارة ترامب ديفيد شينكر إن الزعيم السعودي لم يذكر الفلسطينيين في نقاش طويل مع خبراء زاروه في الخريف الماضي. لكن مشكلة نتنياهو تنبع أولًا من موقف الملك سلمان مع الجيل الذي يمثله الداعم للفلسطينيين. وإذا وضع نتنياهو المتطرفين في حكومته وأطلق لهم العنان لتوسيع المستوطنات وضم الضفة الغربية، فإن محمد بن سلمان لن يوافق.

والمشكلة الثانية تتعلق ببايدن، فالأميركيون ـ حسب شينكر ـ ليسوا مؤثرين على السعودية التي ترى أنها غير مرتبطة بالفلك الأميركي وتقيم علاقات مع أميركا والصين وروسيا. وعندما زار بايدن السعودية وطلب من ولي العهد المساعدة في خفض أسعار النفط لم يلق استجابة. والسبب الرئيس الذي يقف أمام آمال نتنياهو هو أن بايدن لن يستجيب للمطالب التي يريدها محمد بن سلمان، فبعيدًا عن سياساته في الداخل والحرب التي يخوضها في اليمن، فأن تقدم أميركا ضمانات تشبه تلك الموجودة بين أعضاء الناتو أمر مستحيل، فماذا لو ردت السعودية على هجوم حوثي بضرب إيران مستندة على التزام أميركا بأمن السعودية وماذا لو ردت إيران على الضربة؟، حتى ترامب المعروف بصداقته للسعودية لم يخط هذه الخطوة.

وهناك أمر آخر، وهو عدم مشاركة بايدن ـ وخلافًا لترامب ـ الموقف الإسرائيلي والسعودي من أن إيران يمكن أن تسكت بالقوة. فقد أثر البلدان على ترامب الذي قرر الخروج من الاتفاقية النووية 2015. وهو تحرك جعل إيران دولة نووية وأكثر خطرًا مما كانت عليه عند توقيع الاتفاق؛ بل إن بايدن يريد من إسرائيل والسعودية المساعدة في احتواء إيران، ولن يسمح لهما بجر الولايات المتحدة إلى تحركات عدوانية تجعل إيران عصية على الحوار.

وفي النهاية، لن يقدم بايدن أي خدمة لنتنياهو ولن يسمح له الكونغرس بهذا. وربما لم يكن هذا مهمًا، فالمصالح المشتركة بين السعودية وإسرائيل قد تضعهما في الخندق نفسه ضد إيران. وبايدن لا يستطيع أن ينفض يديه من السعودية أيضًا كما اعتقد عندما تولى المنصب. فقد اكتشف أن السعودية دولة مرجّحة في سوق النفط ولها نفوذ عليه. ويحتاج بايدن إسرائيل والسعودية لوقف تمدد مخالب إيران في المنطقة. وعلى بايدن إخبار نتنياهو عندما يزور واشنطن بأن الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في تشكيل النظام الجديد في الشرق الأوسط انطلاقًا من اتفاقيات إبراهام، وليس السياسة القائمة على إهانة الفلسطينيين وتغيير النظام في إيران.