• اخر تحديث : 2024-04-29 01:16
news-details
إصدارات الأعضاء

هل مات عبد الحليم خدام وخرج الدردري وعزمي بشارة من سورية


استمعت بإمعان وإيمان لحديث وزير الاقتصاد أما الإيمان فهو بالبلاد ورئيسها أما الإمعان فهو لجهة تعزيز معرفتنا بترجمة العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، وأما بعد:

لقد تعلمنا التمحيص والتدقيق في كل عبارة وكلمة وتعلمنا أن نستشف من الورق ما كتب بين السطور حتى لو كان بالحبر السري، وكما يقال (اللي احترق بالحليب بينفخ ع اللبن).

بعد انتصار ٢٠٠٦ الذي كان رداً سياسياً وعسكرياً على المكيدة التي أعدوها منذ استلام الرئيس الشاب المنفتح الواعد المنعقد عليه الأمل بتغيير جذري لسورية، وهذه بعض الأوصاف التي وصفه بها كبار الأسماء في المعارضة السورية في ذاك الوقت.

المفاجأة الأمريكية أن مادلين أولبرايت وقيادتها أساءت تقدير الشاب الرئيس، وأنه سياسي خبير ولاعب حقيقي، وأن أمل بعض الذين اعتبروا أنفسهم أوصياء على العرش السوري ووعدوا الولايات المتحدة الأمريكية بسحب سورية من تموضعها الأخلاقي تباعاً بدأ بالتلاشي وبإعلان الفشل واستكشاف الفشل، وطلع الرئيس الشاب (بياخدهم ع النبع وبيرجعهم عطشانين).

ورغم استخدام الفساد والفاسدين لتمرير المشاريع وأدواتها، كانت اللحظات الأخيرة تكشف لهم أن الرئيس الشاب متيقظ حاد الذكاء وصبور أيضاً.. وجريء أن يلاعبهم لعبتهم، وكانت أزمة رفيق الحريري، ثم كانت حرب ٢٠٠٦ إعلان سياسي عسكري لصوابية قرار المحور بمواجهة أمريكا وأتباعها، فما كان إلا أن بدأت الخطة الشيطانية لسرقة حواضن المقاومة التي فاجأت العالم بارتصاصها وخاصة في سورية خلف المقاومة، وفتحت أبواب البيوت السورية إيماناً بالمعركة.

وسأختصر التفاصيل عن الخطة الموسادية بعد حرب تموز باختصار كما يلي: تأطير المقاومة بعنوان مذهبي في عيون الشعب العربي وتأليب الصراع السني الشيعي وخرق النخبة العربية عامة والسورية الاقتصادية والسياسية خاصة وتجهيز مجموعة من رجال الدين في فلك الفناوى التي كانت في ذلك الوقت معركة موكلة إلى قطر ورجل الموساد عزمي بشارة.

ما تلا ذلك من تفاصيل حتى حرب غزة وتعليق الاخوان المسلمين عملهم في (جبهة الخلاص) التي شكلها عبد الحليم خدام بعد هروبه إلى باريس كلها كانت جملة من صراعات المشاريع التي حتى لو فهمتها سورية ستستمر بمواقفها المستندة إلى المبادئ تجاه القضية الفلسطينية.

وقد يسأل البعض ماذا نستفيد من هذا السرد بينما يحلق الدولار على حساب عملتنا الوطنية، وتتلاعب بنا الظروف الاقتصادية في ظل تلك الجلدة التي تلقاها الشعب بنسبة ارتفاع لليتر الوقود تفوق الضعف في بعض الحالات، ولكن الأجوبة دائماً في السياسة، لأن ما كان مطلوباً بالأساس هو في السياسة، وكل تحريك حالي حتى في الملف الإنساني هو لصالح التلاعب بالمصير السياسي للمنطقة وبوابتها هي سورية.

ولأن المرور على تلك المراحل سيلقي علينا ظل مجموعة أسئلة:

١-عبد الحليم خدام هل كان شخصاً أم منظومة اقتصادية مرتبطة تنخر في الاقتصاد المحلي بارتباط دولي، وهل تلك المنظومة تنتهي بموت عرابها أم يكون هناك عراب وعرابين جدد.

٢- المشروع الذي قاده عزمي بشارة ثم سحبه إلى الخارج علنياً عبر شبكة إعلامية متكاملة تحارب سورية وتزوّر تاريخها وتقوم بعمليات التعبئة لكل الارهاب وتمتد مطية لشرعنة كل ما هو ضد سورية، فهل دخل سورية كـ (مفكر عروبي) وخرج دون أن يبني شبكات وشبكات على كافة المستويات طالما أنه تمكن من إقناع وزير خارجية سورية الأسبق فاروق الشرع بوضع مذكراته بين يدي مؤسسات عزمي بشارة .

٣- الانقلاب المشوه على مفاهيم العدالة الاجتماعية بقيادة رجل صندوق النقد الدولي عبد الله الدردري، ماهي التقييمات المحتملة لآثاره على العقد الاجتماعي الوطني قبل أن نتحدث بالاقتصاد أو النخبة السياسية، هل تمكن من إحياء عقلية الاقطاع والبرجوازيات العميلة وإعادة سورية إلى سجالات على أرضية دون وطنية أم لا؟! وكم عدد الذين ترهلوا من تخمة المناصب على مكاتبهم اعتنقوا عقلية المال السهل الذي يستعبد الناس ولا يحترم الشعب.

إن الأسئلة التي سورية بصدد الإجابة عنها تحتاج مفكرين حقيقيين يقرأون سورية وحاجتها إلى الخروج من أبوية الدولة بذهنية لا تتقاطع ولا بشعرة واحدة مع منتجات مشاريع التابعية للولايات المتحدة الأمريكية، تحتاج أولئك الذين يقرأون سورية بعدائية تشكيكية ذكية لكل ما تصدره الفرنكوفونية وتعتبر كل ما يصدر في الوثائق البريطانية هو جزء من المشروع ذاته الذي عقد مؤتمر لتيودور هرتزل في بال السويسرية في سلسلة منتجة للحدث السياسي منذ ذاك الوقت وحتى اليوم.

إن الأسئلة التي تحتاج سورية أن تجيب عليها اليوم هو أن البلاد التي يتم شراء رئيس وزراء فيها (رياض حجاب) تحتاج عمليات تطهير مجهرية ليس على مستوى الأشخاص بل على مستوى الفكر وعلى مساحات واسعة.

إن الأسئلة التي تحتاج أن تجيب عليها سورية هي آلية الحصانة ضد لعنة أموال النفط، فقد كانت قطر وسيكون غيرها وغيرها، حتى حركة أموال النفط بين الجيوب السورية هي شفرة تتطلب تفكيكها بعناية، وبأبسط لغة وبدون شرح يكفينا أن لا ننسى أن غازي العراق أحد سدنة النفط في العالم.