يبدو أن التطورات العسكرية والحوادث الأمنية المتتالية في المنطقة ككل مرتبطة ببعضها، وجاءت في سياقٍ واحدٍ، من عين الحلوة، إلى الكحالة، إضافة الى تمكن القوى الأمنية من توقيف بعض الإرهابيين، وأخيرًا نجاح جهاز الأمن العام بالتعاون مع جهاز أمن المقاومة في رصد ثم توقيف شبكة تجسسٍ في مطار بيروت، تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي. وكانت تخطط لتنفيذ اغتيالات في لبنان، لإثارة مزيدٍ من الفوضى الأمنية فيه، بحسب المعلومات التي سرَبت عن بعض المعنيين.
ولاريب أن هذا الحدث الأمني الخطر الأخير، يقطع الشك باليقين أن "إثارة الفوضى والقلاقل والفتن المذهبية في المنطقة بأسرها، تصب في مصلحة "إسرائيل" ومن يقف خلفها".
وفي الأطار نفسه تتأتي التحركات المحدودة والمشبوهة في الشطر الثاني من الحدود، تحديدًا في مدينة السويداء ومحيطها في الجنوب السوري، التي تتم تحت "شعارات مطلبيةٍ براقةٍ وخداعةٍ"، غير أنها تحركاتٍ ذات أبعاد سياسيةٍ واضحةٍ لا تقبل الشك على الإطلاق.
وما يثبت ذلك، هو السلوك التخريبي لمن يدّعون أنهم "محتجون على الأوضاع الإقتصادية الرديئة في البلاد"، بمواكبةٍ من الإعلام التضليلي والتحريضي الذي حاول عبر طوال أعوام الحرب الكونية على سورية منذ العام 2011 حتى اليوم، الإسهام في تمزيق النسيج الوطني للمجتمع السوري، فهل يسهم رفع علم الإنتداب الفرنسي في السويداء، والإعتداء على الأملاك العامة والخاصة وقطع الطرق، وحمل السلاح، في إنعاش الوضع الإقتصادي؟
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر أهلية أن الوضع المعيشي، لم يعد يحتمل، ويتطلب معالجةً حكوميةً سريعةً، معتبرة أن هذا الوضع بدأ يلامس حد المجاعة، على حد تعبير المصادر.
وفي السياق عينه، تشير مصادر في المعارضة السورية إلى أن “تحركات الجنوب السوري هي مطلبية محض"، مؤكدةً أن هذه "التحركات الإحتجاجية" مماثلة "لثورة 17 تشرين الأول 2019 في لبنان"، تعبيرًا عن "غضب السوريين من الأداء الإقتصادي للحكومة، وعجزها في معالجة الأوضاع المعيشية الإجتماعية الصعبة، وغض طرفها عن الفاسدين المنتفعين الموجودين في بعض مواقع القرار في السلطة"، على حد تعبير المصادر المعارضة.
وفي هذا الأطار، يتبنى مرجع قريب من فريق المقاومة في لبنان، تشبيه "تحركات السويداء" بـ "ثورة 17 تشرين في لبنان"، تحديدًا لجهة أوجه الشبه بينهما، من ناحية التبني الأميركي المباشر لأعمال الشغب في السويداء، ومواكبة الإعلام التضليلي لتلك الأعمال، بإدراة من الغرف السوداء التابعة للإدارة الأميركية وملحقاتها، خصوصًا ما يسمى بـ "منظمات المجتمع المدني"، كما كان عليه الوضع في لبنان، إثر إندلاع إنقلاب 17 تشرين الأول 2019، على المقاومة وحليفها الرئيس العماد ميشال عون، غير أن "ثورتهم" باءت بالفشل آنذاك، على حد تعبير المرجع.
ويكشف المرجع أن لديه معطيات تؤكد أن "إحتجاجات السويداء" دغدغت مشاعر الفريق المعادي للمقاومة في لبنان، و"ألهمته" على إعادة تحركاته في لبنان، تحديدًا لجهة العودة إلى قطع الطرق، وإثارة الفتن المذهبية، والقيام بأعمال الشغب، تحت "شعار إنقاذ لبنان وتحرير رئاسة الجمهورية فيه من الهيمنة الإيرانية". غير أن مصادر عليمة ومتابعة، لا تنفي صحة هذه المعلومات، ولكن تضعها في إطار التمني والأوهام لدى الفريق المذكور اخيرًا، لا أكثر حتى الساعة.
ويربط المرجع عينه، بين إثارة الشغب في السويداء (ذات اللون المذهبي الواحد)، وزعزعة الوضع الأمني في لبنان ، وتشجيع الإدارة الأميركية بعض أتباعها في المدينة المذكورة على المطالبة بإقامة حكم ذاتي فيها من ناحية، وبين التحركات العسكرية لقوات الإحتلال الأميركي وأعوانه في الشرق السوري من ناحيةٍ أخرى، تحديدًا في المناطق الحدودية بين سورية والعراق، ومحاولة قطع الطريق بينهما، لتقطيع أوصال محور المقاومة الممتد من إيران إلى لبنان، لدعم المقاومة فيه، ويختم بالقول: "انتظروا مفاجأة من العيار التقيل على الحدود السورية- العراقية".