يشهد الاقتصاد السوري اختناقات كبيرة من جراء سيطرة القوى الاحتلالية (الأمريكية والاوروبية والصهيونية والتركية) وعملائهم من الحركات (الإرهابية والانفصالية) على اغلب موارده الاقتصادية، مما ولدّ تداعيات سلبية على كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وانعكست على مستوى المعيشة، فهل تكون قمة (77والصين) المنعقدة في (جمهورية كوبا) الصديقة وبتاريخ 15و16/9/2023 وبحضور رئيسها (ميغيل دياز كانيل) فرصة لفضح ممارسات هذه القوى المعادية للشعب السوري، وتشارك سورية بوفد يضمّ السادة (وزير المالية كنان ياغي ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور فادي الخليل وغسان عبيد سفير سورية في كوبا)، وتعقد القمة تحت عنوان (التحديات الحالية للتنمية ودور العلم والتكنولوجيا والابتكار)، وسيتم مناقشة عدد كبير من القضايا وخاصة القضايا الاقتصادية والتي تهمّ الدول النامية وفي مقدمتها التعاون في مجال توطين التقنيات الحديثة وتوظيفها بهدف تحقيق التنمية المستدامة التي تولدّ عوامل قوتها من ذاتها وبذاتها ولذاتها، وسورية تمتلك علاقات قوية مع المجموعة التي تأسست بتاريخ 15/6/1964 ومن داخل حركة (عدم الانحياز) وبتوقيع من /77/ دولة على الإعلان والبيان المشترك لتأسيسها وعرفت بعد ذلك باسم Group of 77 وصدر بيانها الأول سنة /1967/ في نهاية الاجتماع الدولي الأول لأعضاء الأونكتاد UNCTAD وهو مؤسسة الأمم المتحدة الرائدة التي تتعامل مع التجارة والتنمية وتم تأسيسها سنة /1964/ ومنذ ذاك الوقت تم الاعلان عن إنشاء الهيكل التنظيمي لمجموعة /77/.
تأتي أهمية هذه المجموعة من أنها تشارك في أغلب المؤسسات الدولية مثل (منظمة الأغذية العالمية الفاو - منظمة الأمم المتحدة للصناعة اليونيدو - منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) - برنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب) والبنك الدولي وغيرها)، وتوسعت المجموعة لاحقا وتضمّ حاليا /134/ دولة تشكل ثلثي أعضاء الأمم المتحدة و80% من سكان العالم، لكن رغم توسعها بقيت محافظة على اسمها (مجموعة 77) حتى الآن، وتتكامل هذه المجموعة مع دول عدم الانحياز التي نشأت وتأسست في ظل الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي والنظامين الاقتصاديين الممثلين لهما في ذاك الوقت، ومقر المجموعة في (نيويورك) في مبنى (الأمم المتحدة) وتتناوب الدول الاعضاء بها رئاسة المجموعة، وهي تحظى بدعم أغلب دول العالم وخاصة (الصين) والتي تحضر اجتماعاتها السنوية منذ تأسيسها بصفة (ضيف خاص)، ومنذ سنة /1991/ تم التنسيق مع الصين، وفي عام /1996/ صدر بيان القمة بعنوان (مجموعة 77 والصين) ولا تزال التسمية مستخدمة حتى الآن علما ان الصين تدعم المجموعة وهي ليست عضوا بها، وتواجه المجموعة تحديات كبيرة ولمواجهة هذه التحديات لا بدّ من تفعيل العلاقة بين دول الجنوب الفقيرة للتصدي للإرهاب الاقتصادي الأمريكي والغربي من (حصار وعقوبات) المفروض على أغلب دول المجموعة، إضافة إلى سرقة الغرب للموارد الاقتصادية للكثير من دول المجموعة سواء كانت سرقة مباشرة كما في سورية أو غير مباشرة كما في الكثير من الدول الافريقية وغيرها، وهذه التحديات تتطلب موقفا واضحا من دول المجموعة في قمتها الحالية لترسيخ وتعزيز السلام والامن العالمي، وعندها ستمهد القمة لتجاوز الهيمنة الغربية والمؤسسات الخاضعة لها وخاصة (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية WTO وهيمنة الدولار)، فهل تنضم جهود القمة لجهود كل من (روسيا والصين) وغيرهما لتغيير النظام العالمي الحالي، وقد أشار الرئيس الكوبي الذي تتعرض بلاده للإرهاب الاقتصادي الأمريكي منذ سنة /1962/ إلى ذلك في كلمته أمام قمة دول البريكس الأخيرة في جنوب افريقيا سنة /2023/، وهنا لا بد من الإشارة إلى ان الكثير من الدول كانت أعضاء في المجموعة لكنها انسحبت بضغط من أمريكا والدول التابعة لها ومن هذه الدول المنسحبة نذكر على سبيل المثال وليس الحصر [المكسيك سنة 1994- كوريا الجنوبية سنة 1996- يوغسلافيا وهي من الدول المؤسسة لكنها انسحبت سنة 2003- قبرص ومالطا سنة 2004- رومانيا سنة 2007 - ...الخ ]، فهل تعي القمة هذه المخططات الغربية وخاصة الامريكية؟، وتطالب بضرورة تغيير النظام الاقتصادي العالمي الحالي، وهل يتسنى لنا في سورية المطالبة بطرد القوى الاحتلالية وتفعيل إعادة الاعمار والبناء والتعافي المبكر وجذب الاستثمارات ...الخ مما يساعدنا في تفعيل الدورة الاقتصادية واستغلال مواردنا المتاحة والكامنة ونتمكن من زيادة معدل النمو الاقتصادي وقيمة الناتج المحلي الإجمالي، وخاصة اننا نملك علاقات جيدة مع أغلب دول المجموعة، وعندها تعود الثروات السورية للشعب السوري وبما يضمن لنا مستقبلا افضل ومستوى معيشي أحسن نتمنى ذلك.