رأى موقع "ميدل ايست آي" البريطاني أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يعرف بالضبط ما كان يفعله عندما أمر بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق قبل أسبوعين، مما أسفر عن مقتل القائد الأعلى للقوات المسلحة الإيرانية العميد محمد رضا زاهدي، من بين قادة آخرين في الحرس الثوري الإسلامي. لم يكن هدف الهجوم الحد من تدفق الأسلحة إلى حزب الله أو إبعاد الجماعات المدعومة من إيران عن حدودها الشمالية، إنما كان محاولة للقضاء على القيادة الإيرانية في سوريا".
وبحسب الموقع، "بعد ستة أشهر، لا تسير الحرب في غزة بشكل جيد، وتواجه القوات البرية الإسرائيلية مقاومة فلسطينية عنيدة لا تظهر أي علامة على الاستسلام أو الفرار. ويشعر مقاتلو حماس أنهم نجوا من الأسوأ وليس لديهم ما يخسرونه. وفي الحقيقة، لم ينقلب سكان غزة ضدهم، لأنهم يعتقدون أن احتلال رفح لن يشكل أي فرق بالنسبة لهم".
رسائل متعددة
وبحسب الموقع، "مع توقف الهجوم الإسرائيلي على غزة، تتصاعد المعارضة لقيادة نتنياهو، وهناك ضغوط حقيقية للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يبدأ بإعادة الرهائن أحياء. لقد أصبحت الخلافات مع داعمه الرئيسي، الرئيس الأميركي جو بايدن، علنية الآن، وهو يفقد الرأي العام العالمي بسرعة. كما وأصبحت إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو، دولة منبوذة. ومرة أخرى كان لزاماً على إسرائيل أن تلعب دور الضحية، من أجل الحفاظ على "خرافة" أنها تناضل من أجل وجودها. فهل من وقت أفضل لنتنياهو لكي يخاطر ويهاجم القنصلية الإيرانية، وهو يعلم تمام العلم ما يعنيه ذلك؟".
وتابع الموقع، "كانت الولايات المتحدة تعرف أيضاً ما كان يفعله نتنياهو، وهو محاولة جر أميركا إلى هجوم على إيران للمرة الثالثة على الأقل خلال 14 عاماً. ولهذا السبب، أبلغت الولايات المتحدة الإيرانيين مباشرة أنه لا علاقة لها بالضربة ولم تعلم بها إلا عندما كانت الطائرات في الجو. وانتظرت إيران الوقت المناسب، فقد كانت شاهدة على ما حدث في مجلس الأمن، عندما تم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد البيان الذي صاغته روسيا والذي يدين الهجوم على القنصلية من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. ومن ثم قالت إنها لن تضرب إسرائيل إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة. إلا أن هذا الأمر تم تجاهله أيضاً. ومن ثم طلبت كل دولة غربية من إيران ألا تضرب إسرائيل، أما بايدن فكان لديه نصيحة واحدة لإيران: "لا تفعلوا".
وأضاف الموقع، "عندما حدث ذلك، تم تصميم الضربة بعناية لتوصيل عدد من الرسائل إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والمنطقة العربية. فقد أرادت طهران إظهار قدرتها على ضرب إسرائيل مباشرة دون إثارة حرب واسعة النطاق، كما وأرادت أن تقول لإسرائيل إنها تستطيع ضربها، وللولايات المتحدة أن طهران قوة في الخليج جاءت لتبقى وتسيطر على مضيق هرمز. لقد أرادت أن تقول لكل نظام عربي يتقرب من إسرائيل أن الشيء عينه يمكن أن يحدث له. وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً من المسيّرات حقق هدفه، إلا أن الرسالة التي أرسلوها تم تسليمها. وهكذا كان الهجوم بمثابة نجاح استراتيجي وانتكاسة لسمعة إسرائيل".
وبحسب الموقع، "بعد الضربة، حذرت إيران الولايات المتحدة من أنه إذا ردت إسرائيل بالمثل، فإن قواعدها عبر المياه في الخليج وفي كل انحاء العراق ستصبح أهدافا، كما حدث بعد اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في العام 2020. في الواقع، إيران لا تريد الحرب، لكنها قادرة على الرد. إذاً، إن الرسالة الموجهة إلى الولايات المتحدة هي أن عليها أن تكبح جماح إسرائيل، التي تعتقد أنها تستطيع أن تفعل ما تشاء في المنطقة".
أخطاء السياسة الخارجية
وبحسب الموقع، "نتنياهو الآن في مأزق، فهو في وسعه أن يختار إرضاء اليمين المتطرف وشن هجوم مضاد ساحق على إيران، ولكنه لن يحصل على مساعدة أميركا للقيام بذلك. وإذا هاجم نتنياهو إيران، فإن علاقته المهتزة مع الولايات المتحدة سوف تتحول من سيئ إلى أسوأ. أما إذا لم يفعل شيئا، فسيبدو أضعف مما هو عليه بالفعل. وعلى نحو مماثل، تجد الولايات المتحدة للمرة الخامسة خلال ثلاثة عقود من الزمن أن أحد الركائز الرئيسية للسياسة الخارجية ينهار بين يديها".
وختم الموقع، "هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها إسرائيل لهجوم مباشر من قبل إيران التي سبق وأعطتها الانطباع بأنها غير مهتمة بالحرب. كما وهذه هي المرة الأولى أيضًا التي يطلب فيها بايدن من إسرائيل عدم الرد. فبعد هذا الهجوم، تبدو الصورة سيئة: فإسرائيل تحتاج إلى آخرين للدفاع عنها، وليست حرة في اختيار كيفية الرد. إذاً، هذا الهجوم يترك الولايات المتحدة، التي تقدم لها الحماية، تبحث عن خيارات سياسية. في الحقيقة، كل شيء في هذه اللحظة يبدو سيئا".