القوات الأمريكية اتخذت قراراً بقصف أهداف لتنظيم "داعش" بالأمس، وقد أعلنت اول أمس استهداف قائد بمسيرة في أفغانستان في عملية تضليل نظراً للعقيدة العسكرية الأمريكية المعتمدة من قبل الجيش الأمريكي في العقدين الأخيرين بمعزل عمن يحكم في البيت الأبيض. هذا الإعلان هدفه التضليل والهروب من الإقرار بالعجز وحجم التغيير الحاصل في المنطقة.
أن تنفي الكويت قصف ممر القوات الأمريكية فيها من العراق بالصواريخ فهذا يندرج في مصلحة إنكار دخولها في دائرة الصراع، لكن القوات الأمريكية قُصفت في الكويت، وتقصف بالعراق التي تتعرض لمؤامرة تستهدف وحدة العراق وتفتيتها وإشعال حرب أهلية طائفية فيها على نمط ما يجري في لبنان، لكن في البلدين يدرك التدخل الأجنبي أنه خاسر نفوذه في الاستقرار بشكل هادئ وفي اندلاع تجاذبات داخلية بشكل أسرع.
أن تنزعج دولة الاحتلال من تقهقر القوات الأمريكية وحلفائها الأربعين من أماكن التدخل في أفغانستان ومن قبلها في العراق يرسل رسالة لمن يهمه الأمر أن الخلاص من الاحتلال وتحقيق الاستقلال لا يتحقق إلا بالقوة، وأن قوة العقيدة واستدعاء الدين إلى ساحة المعركة التي ميدانها الإيمان في نفوس المقاتلين سلاح فتاك. هذا ما يوضح الصراخ والعويل الإسرائيلي وأحد أهداف زيارة نفتالي بينت للولايات المتحدة.
يلهيهم الأمل يرون عوامل التغيير فينكرونها وهذا لعمري من خصال أجدادنا التي طرأت فأودت بحقوقنا ومكنت المحتل والأجنبي من رقابنا.
ضعف العدو من خلال زعزعة قواعد سلم التطور الحضاري لا تكفي دون ضعف الدولة العظمى الداعمة والراعية لهذا المشروع والتي تدخل في صميم العقيدة العسكرية، فدولة الاحتلال أُنشئت بشهادة ميلاد بريطانية ودعم لا محدود منها، ثم انتقلت من الأحضان البريطانية إلى الأحضان الفرنسية منذ بداية الخمسينات حتى وسط الستينات، ثم أصبحت جزءاً من المشروع الإمبريالي الأمريكي في المنطقة.
وفي أكثر من محطة تزعزع النفوذ والتأثير الأمريكي لجأت دولة الاحتلال للتفكير بمن تحالفها وتعتمدها قوة عظمى توفر لها التفوق الاستراتيجي بالسلاح والدبلوماسي والسياسي من خلال الفيتو في مجلس الأمن بديلاً عن غياب الدور الأمريكي إن حصل.
لم تعد قوى الشر في المنطقة قادرة على المناورة كما كانت في الماضي، هذا التغيير لم يأت تكاسلاً منها، إنما بفضل تحمل الشعوب وصبرها وحنكة قيادة المقاومة وفطنتها.
ما يجري تغيير في المرتكزات، طريقة التفكير في القدرة على اتخاذ القرار، وفي القدرة على التغيير ورسم المشهد وتحديد ما سيحدث في المستقبل.
لن يأت ذلك بدون تضحيات بالطبع، ولن يتم تصحيح أخطاء الماضي بدون مقابل لكن لم يعد الاحتلال رخيصاً بلا ثمن، لم يعد التدخل الأمريكي الامبريالي في المنطقة وحماية مشاريع الاحتلال ربحاً صافياً كما كان، فالأيام دول حبالى تلد بعضها بعضاً.
"إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون "
"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون "
واعلموا يقيناً أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله