الوضع الإنتخابي في لبنان، بعدما انتقل ملف ترسيم الحدود البحرية إلى محطةٍ جديدةٍ، تمثلت بتسليم السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا الرؤساء الثلاثة عرضاً مكتوباً، ترجمة للعرض الشفهي الذي حمله كبير المفاوضين في وزارة الطاقة الأميركية عاموس هوكشتين، بناءً على طلب لبنان، والمطلوب من لبنان الإجابة عليه، ليس كما كان أي (الوضع الإنتخابي)، قبل بروز هذه الحيوية الجديدة في المفاوضات في ملف "الترسيم"، بغض النظر عن إمكان نجاحها أو عدم وصولها الى الخواتيم المرجوة، على حد قول مرجع سياسي شمالي.
ويكشف أن هذا التطور إنعكس سلبًا على أنشطة ما يسمى بـ "مجموعات المجتمع المدني"، التي تلقت دعمًا ماليًا كبيرًا من الدول الغربية، وخصوصًا من الولايات المتحدة الأميركية، التي عقدت آمالها على مراهنةٍ غير محسوبةٍ، ظنًا منها أن المجموعات المذكورة قادرة على إحداث تغييرٍ جذريٍ في "التركيبة السياسية" اللبنانية، تحديداً في مكونات المجلس النيابي، بالتالي السعي الى الفوز بغالبية أعضاء البرلمان المرتقب، أي (برلمان 2022)، ما يمكّن الإدارة الخارجية لهذه المجموعات من المزيد من السيطرة على قرارات الدولة اللبنانية في شأن "الترسيم" وسواه من المصالح الغربية في لبنان.
ولهذه الغاية أغدقت سفارات الدول المذكورة في بيروت الأموال لتمويل أنشطة هذه المجموعات، في وقتٍ فرضت فيه الدول عينها حصارًا ماليًا على الشعب اللبناني، ليتكامل هذا الحصار من حيث الأهداف مع دعم "مجموعات الثورة". ويلخّض بهدفٍ واحدٍ، وهو محاولة تأليب الرأي العام اللبناني على ثالوث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر وحزب الله، من خلال تضليل المواطنين عبر بعض الإعلام المأجور، بأن هذا الثالثوث، تحديدًا "الحزب المعادي لواشنطن والخليج"، هو من أوصل الوضع الإقتصادي في البلد إلى ما هو عليه. ومحاولة طمس الحقائق وتجهيل الفاعل الحقيقي، أي منظومة "الحريرية السياسية"، التي حكمت البلد، وتحكّمت بمفاصل الحكم فيه على نحو مدى ثلاثين عامًا ولاتزال، ليلتحق بعد ذلك رئيسها سعد الحريري بركاب "الثورة" في العام 2019، ويرتدي "لبوس الثوار"، ودائماً بحسب رأي المرجع المذكور أعلاه.
كذلك قدمت سفارات الدول الغربية مختلف أشكال الدعم اللوجستي والتدريبات الإعلامية وسواها "لمجموعات المجتمع المدني والثوار"، ولاتزال تبقي على هذا الدعم، ولكن بوتيرةٍ أخف من الأعوام الخمسة الفائتة، بحسب معلومات المرجع.
ويعزو السبب في ذلك، الى الأجواء التسووية في المنطقة، تحديدًا في ضوء التقدم الذي يشهده المسار التفاوضي للملف النووي، وإنعكاس أجوائه الإيجابية على الوضع اللبناني. كذلك يتوقع المرجع حدوث حلحلة في الملف السوري، معتبراً أن النزاع الروسي مع الغرب في أوكرانيا قد يسهم في تعزيز فرص التسوية في المنطقة، بسبب تطور الصراع بين روسيا والغرب من الحرب بالوكالة على أراضي المنطقة الى المواجهة المباشرة بين القطبين في أوكرانيا، هذا إذا لم تتطور الى حربٍ كبرى، ودائمًا بحسب رأي المرجع عينه، الذي يؤكد إنتفاء حاجة واشنطن الى أدواتها من بعض ما يسمى بـ "مجموعات المجتمع المدني" وسواها، ولكن من دون التخلي عنها بالكامل، كونها تسهم في تعزيز إدارة المصالح الأميركية في لبنان، على حد تعبير المرجع.
وما يؤشر أيضاً الى إنعكاس الأجواء التسووية في المنطقة على الوضع اللبناني، هو تلزيم مجموعة الشحن الفرنسية "سي.إم.أ.سي.جي.إم" بعقد إدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات في مرفأ بيروت لمدة عشر سنوات، بتوقيع من وزير الأشغال علي حمية المحسوب على حزب الله، ما يريح المحور الغربي، على حد قول المرجع.
ويلفت الى أن هناك سببًا أساسيًا أسهم الى تقليص الدعم الغربي عن المجموعات المذكورة آنفَا، وهو تكليف إحدى السفارات الغربية المؤثرة في الساحة اللبنانية شركات أحصاءات أجنبية ومحلية لإستطلاع آراء المواطنين وتوجهاتهم في الإستحقاق الإنتخابي، فجاءت النتائج أن حزب الله وحلفاءه سيفوزن بسبعين مققداً نيابيًا على الأقل. بالتالي فأن كل ما ذكر آنفاً أدى في المحصلة الى تقليص الدعم الأميركي والغربي لما يسمى بـ "المجتمع المدني"، بدليل تخبط مجموعاته، وبروز الإرباك التي تعانيه جلياً، وعدم توصلها الى تفاهمٍ على لوائح موحدة لخوض غمار الإنتخابات المقبلة.