• اخر تحديث : 2024-04-26 10:23
news-details
إصدارات الأعضاء

ترسيم الحدود البحرية والخطاب الإعلامي


لا نمثل المقاومة في موقفنا كمتابعين وأصحاب رأي ندعم المقاومة دون أن نلزمها بموقف لأن المقاومة في ملف الترسيم تتحفظ عن الإشتراك في النقاش التقني حول عملية الترسيم من جهة، فيما هي تعلن الإلتزام بالدفاع عن الحدود السيادية التي تعتمدها الدولة عبر مؤسساتها الدستورية في عملية الترسيم، من جهة مقابلة، وذلك منعا لتضارب المصالح الناشئ عن الجمع، فتضعف مصداقية الحدود السيادية التي تتعهد المقاومة بحمايتها، لأنها شاركت في مناقشتها ووضعها، بينما تدلي المقاومة بدلوها عندما ترتكب أخطاء من نوع الإيحاء بتفاوض مباشر أو سياسي مع كيان الإحتلال تحت عنوان الترسيم، كما حدث عند رفض حزب الله رسميا وجود مدنيين في الوفد المفاوض.

في الصراع الذي طال مرسوم الترسيم، وتم تظهيره من زاوية البعض كمدخل لإتهام رئيس الجمهورية، ومن خلاله رئيس التيار الوطني الحر بالتخلي عن الحقوق السيادية لمقايضتها بحسابات ومصالح خاصة سياسية او فئوية مع الجانب الأميركي لا نستطيع مجاراة هؤلاء في إتهاماتهم التي تشبه الإتهامات التي طالت رئيس مجلس النواب مع إعلان إتفاق الإطار بعقد صفقة مع الأميركيين عنوانها التعهد بإعتماد خط هوف بعد حصر التفاوض بخط النقطة 23. وفي الحالتين يبقى الموقف الأسلم هو إعتبار الأمور بخواتيمها، فقد ظهر أن اتفاق الإطار لم يمنع الوفد المفاوض من إعتماد خط النقطة 29؛ كما ظهر أن عدم توقيع رئيس الجمهورية للمرسوم، وإستخدامه ورقة ضغط لتحريك الأميركيين من أجل العودة للتفاوض لم يكن على حساب الإنطلاق من خط النقطة 29. وطالما أن التفاوض لايزال ضمن المنطقة الآمنة من زاوية حفظ الحقوق الوطنية فيبدو أن الدخول في الإصطفافات مع وضد، وما فيها من تشكيك وإتهامات له إعتبارات سياسية مختلفة عن قضية الترسيم، وتستعملها كمنصة لتسجيل نقاط على الخصوم، لا نجد أنفسنا طرفًا مطالبًا بالانحياز بينها.

في الحصيلة التفاوضية لا نتسرع باعتبار أي تسوية مرفوضة؛ بل نحن معنيون بالتدقيق بمضمونها وشروطها؛ فالتفاوض يحتمل التسوية، والسعي للإستثمار في الثروات البحرية من نفط وغاز يضغط على طرفي التفاوض، وليس على لبنان وحده. وتوازن القوى يجعل لبنان في وضع تفاوضي جيد، والقضية العالقة تفاوضيًا تطال توصيف صخرة تخليت، فإذا تمكن لبنان من فرض توصيفها كصخرة، وليس كجزيرة يكون الوفد المفاوض قد حقق إنجازًا وطنيًا، لكن هذا التوصيف لا يكفي لحسم إعتماد الخط 29، إذ تقول القواعد التقنية بإمكان إعتماد تأثير متحرك للصخور يقدره الخبراء، ودرجة التأثير ستكون هي التفاوض الشائك، والاستعانة بخبراء دوليين ـ ومن الجانب الروسي خصوصًا ـ ربما تفتح باب التوصل لتسوية مقوننة، اي تسوية تستند الى قواعد علمية وتقنية. ومنطقي أن ننتظر حتى نرى طبيعة التسوية ونتفحص قواعدها وخلفياتها، ومدى مطابقتها للقواعد السيادية، ودرجة الإجماع الوطني حولها، ونظرة ومعلومات الأطراف الدولية عن سياقها لتتم بلورة الموقف المناسب منها، لأن المخاوف من تعرض التفاوض لتاثير حسابات سياسية وضغوط خارجية هي مخاوف مبررة ومشروعة.