إن الكارثة التي حلّت في سورية، جراء الزلزال الذي ضرب منطقة شرق المتوسط أخيرًا، هي أكثر إيلامًا من نكبة العام 1948، لناحية تشرّد ملايين المواطنين من مساكنهم وممتلكاتهم، على حد قول مصادر في المجتمع الأهلي السوري. وتكشف أن بعض الإحصاءات التي أجرتها جهاتٍ دوليةٍ عن ضحايا الزلزال في سورية، والمواطنين الذي تشردوا جراءه، فقد بلغوا نحو خمسة ملايين مشرد، ممن تهدّمت و تصدعت بيوتهم، فانهار بعضها، والبعض الآخر بات على وشك الانهيار. وتلفت المصادر إلى أن مراكز الإيواء في سورية، كالمجمعات الرياضية وسواها، غير مؤهلةٍ لخدمة ملايين المواطنين المشردين.
لذا تعتبر أن المساعدات الخارجية، العربية، وسواها، غير كافيةٍ لإغاثة هؤلاء الضحايا. وتشير إلى أن معظم الدول الأجنبية خصصت مساعداتها إلى المتضررين في المناطق السورية الخارجة على سلطة الدولة، أي في محافظة إدلب، وبعض أرياف حلب، ودائمًا بحسب معلومات المصادر عينها. وتعبّر عن أسفها لشح المبلغ المالي الذي جمعته الأمم المتحدة، لإغاثة ضحايا الزلزال في سورية، الذي بلغ 18 مليون دولار فقط، أي لا يكفي لترميم مبنىٍ سكنيٍ واحدٍ، وإعادة تجهيزه، على حد تعبير المصادر.
وعن المساعدات التي أرسلت من الدول العربية إلى سورية، تكشف المصادر إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه المساعدات، هي على نفقة رجال أعمالٍ سوريين مقيمين في عدد من الدول العربية، بالإضافة إلى المساعدات التي أرسلت من جهاتٍ رسميةٍ، وأهليةٍ عربيةٍ، فبعض هذه المساعدات لم يتخط الإطار الرمزي، لا أكثر من ذلك، على حد قول المصادر. أما عن الدور اللبناني في هذه الكارثة التي حلّت بجارته الأقرب، التي لم تتوان عن مساعدة جارها في أحلك الظروف، خصوصًا بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في نيسان 2005، وبالرغم كل الحملات الإعلامية والسياسية التي شنت على الدولة السورية، تحديدًا إثر هذا الانسحاب، غير أنها وقفت إلى جانب لبنان في حربه ضد الإرهاب في مخيم نهر البارد في ربيع العام 2007، ودعمت الجيش اللبناني بالتجهيزات اللازمة للمعركة، بشهادة "شهيد ثورة الأرز الحي" إلياس المر"، وزير الدفاع اللبناني في حينه. كذلك استمرت دمشق بمد لبنان بالطاقة الكهربائية، حتى في ذروة الحرب الكونية على سورية، وأعفت لبنان الرسمي مرارًا من تكاليف استجرار الكهرباء، بحسب تأكيد مرجع لبناني رسمي كبير، ومعني بشأن العلاقة الثنائية مع سورية.
كذلك قدّمت السلطات السورية كل التسهيلات اللازمة لنقل الأوكسجين واللوازم الطبية المتوافرة لديها إلى لبنان خلال الحقبة التي انتشرت فيها جائحة كورونا في هذا البلد في الأعوام القليلة الفائتة، بحسب تأكيد وزير الصحة اللبناني في حينه حمد حسن. فهل كان الموقف والدور اللبناني تجاه سورية في محنتها كافيين؟ هنا، تعتبر المصادر المذكورة آنفًا، أن من غير المنطقي أن يعوّل على لبنان في أن يقدّم للشعب السوري أكثر من طاقة لبنان عينه، وهو يعاني أزمةً اقتصاديةً- معيشيةً خانقةً، وغير مسبوقةٍ في تاريخه الحديث.
وتلفت إلى أن جلّ المساعدات اللبنانية المرسلة إلى سورية، جاءت كتقدمةٍ من المجتمع الأهلي اللبناني، أي (مواطنين، أحزاب، وجمعيات) وسواها. وتعقيبًا على ما ورد أخيرًا، يؤكد مرجع سياسي لبناني، أن بالرغم من الضغوط الاقتصادية الهائلة، والموجعة، التي يتعرض لها الشعب اللبناني، جراء الحصار الأميركي- الغربي المفروض على الأول، غير أنه لم يتوان عن تقديم كل الإمكانات المتاحة لديه، لإغاثة الشعب السوري الشقيق. وبذلك أسقط الشعب اللبناني، كل محاولات زرع الشقاق بين الشعبين الشقيين، من حملاتٍ إعلاميةٍ، وسياسيةٍ مغرضةٍ، وما إلى ذلك، ودائمًا برأي المرجع.
أما عن التوجه الرسمي اللبناني الأخير حيال العلاقات الثنائية مع دمشق، تحديدًا عقب الزلزال، فيؤكد أن الوفد الرسمي اللبناني الرفيع برئاسة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، الذي زار سورية، إثر هذا الزلزال، حيث التقى الوفد المذكور، الرئيس السوري بشار الأسد، فبذلك وضع هذا الوفد، حجر الأساس لإقامة علاقةٍ جديدة، ومتينة بين البلدين، على أن تستكمل الخطوات اللازمة لتطويرها، وتعزيزها، يأمل المرجع. وعن الدور الرسمي اللبناني في الإسهام في إغاثة منكوبي الزلزال في الجارة الأقرب، يوضح المرجع أن الظروف السياسية، والاقتصادية، أولًا، (لجهة وجود حكومة تصريف أعمال في لبنان)، والانقسام في رأي مكوناتها في شأن شرعية انعقادها، وثانيًا، بسبب استفحال الأزمة الاقتصادية- المعيشية الخانقة التي يشهدها لبنان، فإن مجمل هذا الظروف لا تسمح بإرسال المساعدات الرسمية اللبنانية إلى سورية، كما يجب، يختم المرجع.