أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:
الزمان |
الاثنين 2\8\2021. |
المكان |
منصّة Zoom Cloud Meeting |
مدة اللقاء |
الحادية عشرة صباحًا لغاية الثانية عشرة والنصف |
المشاركون |
||
1 |
رئيس الرابطة د. محسن وصالح. |
|
2 |
عضو الرابطة، الأكاديمي والباحث العسكري د. أمين حطيط. |
|
3 |
عضو الرابطة، الأكاديمي والباحث الاقتصادي د. حسن سرور. |
|
4 |
عضو الرابطة، الأكاديمي والباحث السياسي د. وسام إسماعيل. |
|
ثانياً: مجريات اللقاء:
نظّمت الرَّابطة الدُّوليَّة للخبراء والمُحلِّلين السِّياسيِّين حلقة نقاش عبر الفضاء الافتراضي تواكب الضغوط الأميركية على لبنان، وانعكاسها على الأوضاع من مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهي بعنوان: "الحصار الأميركي للبنان: الغايات وسبل المواجهة".
أبرز ما جاء في مداخلة د. محسن صالح
بعد الترحيب بالمشاركين، افتتح د. محسن صالح حلقة النقاش بالإشارة إلى أن "ما يحصل في لبنان يثير العديد من التساؤلات منذ ما قبل الرابع من آب مرورًا بالرابع منه وما بعده، وصولًا الى حادثة خلدة"، وقال: خلية العمل الموجودة في معراب بقيادة السفراء الثلاثة السفير السعودي والسفيرة الاميركية والسفيرة الفرنسية، ماذا يخططون، وماذا يفعلون؟، بالإضافة الى نقاط المراقبة البريطانية الموجودة في البقاع عند خطوط المقاومة؛ وبالتالي تراقب عن كثب، والعقوبات الأميركية اللامتناهية، والتدخل الفرنسي والاميركي، كل هذه الاعتبارات التي تتوجه لمحاصرة رأس حربة محور المقاومة، أو ضربه، أو تقليص قدراته؛ فالمقاومة الاسلامية في لبنان هي حزب الله الذي هو رأس حربة المقاومة الذي يؤثر جيدًا في الاحداث في العراق وسوريا ولبنان. ما يتبادر الى الاعلام، أو بعض الاذهان ربما يقصر عن تصوير الواقع، أو مرادفات الواقع من المعاني والصور.
اعتقد ان ما يحاك للبنان والمنطقة، خاصة بعد الانتصارات التي حققها محور المقاومة، هي ربما تحاول أن توازي هذه الانتصارات التي حصلت وتقدم محور المقاومة السائر، ولن يستطيعوا القيام بأي شيء؛ ربما يعيق هذه الانتصارات والتقدم فيها، الا انهم يحاولون على المستويات كافة، من "زاروب" خلدة وصولًا الى البقاع والجنوب، والتجديد للقوات الدولية "اليونفيل" وما يمكن ان يحصل، عدا عن موضوع الحكومة والشروط الاميركية والفرنسية والسعودية عدم تمثيل حزب الله في هذه الحكومة. إن من استلم الطائف كانوا مقدمة لسرقة الديون التي أتوا بها الى لبنان من اجل السير الى ما تمليه روحية الطائف. التركيز على الجيش بعد عودة الجيش الى القوة واليوم يتم التركيز الأميركي والاوروبي عليه للاصطدام مع المقاومة، وهؤلاء الذين سرقوا هم رعاة هذا التوجه. هذه الحرب وصلت الى مرحلة من المراحل لم يعد هناك الا مفترق طرق، وعلى لبنان أن يختار موقعه: إما التوجه الى محور المقاومة، أو الطرف الاخر.
أبرز ما جاء في مداخلة د. امين حطيط
وضع د. أمين حطيط لبنان، وما يشهده من تطورات سياسية وأمنية واقتصادية ضمن "فصل من فصول الخطة التي وضعها وزير الخارجية الأميركي السابق بومبيو للبنان، وبالتالي من الخفة بمكان القول إن هناك احداث عابرة وعارضة لا يربطها رابط أو لا يجمعها جامع". وقال: المسألة بالنسبة إلينا هي أن لبنان وٌضع في آذار 2019 تحت تأثير خطة اسمها خطة بومبيو وتقوم على مراحل خمسة:
المرحلة الأولى: هي الفراغ السياسي، وأُوكل الى سعد الحريري وحلفائه تحقيق ذلك، هذا الامر كان قد بدأ مع استقالة سعد الحريري وتعثر تشكيل الحكومة، وجاءت الحكومة التي تشكلت بعد ذلك عرجاء، أو غير مقبولة، والفراغ الذي حصل، وبالتالي الفراغ السياسي في المرحلة الأولى من خطة بومبيو حصل.
المرحلة الثانية: كان الانهيار النقدي الذي تولى شأنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يعمل بأوامر خارجية. الانهيار النقدي الذي يتخبط به لبنان ليس عابرًا ولم يكن معروفًا، بل إن الانهيار جاء ضمن خطة محكمة تم وضعها لتحقيق مرحلة من مراحل خطة بومبيو، وهذه الخطة تقود الى المرحلة الثالثة وهي الانهيار الاقتصادي الذي نحن فيه الان.
المرحلة الرابعة: مسألة الانفجار الأمني والانهيار الأمني، وعند ذلك يكون استدعاء العدو الإسرائيلي بأن يأتي الى لبنان، وليس صدفة أن يُكثر العدو الإسرائيلي منذ شهرين الحديث عن أن حرب لبنان الثالثة باتت مسألة وقت فقط، وأن القرار اتخذ، وليس صدفة أن يتم التنظير لهذه الحرب، وان تترافق هذه التنظيرات مع تشديد الحصار الاقتصادي والتجويع على لبنان لدفعه الى الفوضى.
إن المسألة بكل بساطة هي خطة بومبيو التي نُفّذ منها ثلاث مراحل بنجاح، ونحن اليوم ندخل المرحلة الرابعة التي هي الخروج من مرحلة الانتصار الذي تحقق، والدخول في مأزق التخبط الداخلي، واستدعاء إسرائيل لتنفذ ما يمكن ان تنفذه ضد المقاومة، وإسرائيل لا تستطيع ان تواجه المقاومة في لبنان إن لم تكن الأخيرة جاهزة وغير مشغولة بشاغل، فالشرط الرئيس والاساسي بالنسبة إلى إسرائيل للقيام بعدوان هو الخلل الأمني والانهيار الأمني الذي يقطعّ أوصال الوطن، ويحاصر مراكز المقاومة، ويشغل جمهور المقاومة.
لهذا السبب نحن ننظر ببالغ الخطورة والاهتمام لما حصل في خلدة، وما حصل مخطط له، وعملية المصالحة أمر لا يحصل، ولا ينفع؛ بل يجب الضرب بيد من حديد من قبل الدولة، وأن ينتشر الجيش اللبناني بقوة، الوضع الآن في لبنان هو وضع انتظار وتحشيد وترقب انفجار، فاذا استطعنا تعطيل صواعق التفجير، وصواعق الانتظار نقول إن خطة بوبيو وصلت الى العقدة التي تكسر منشارها، وإن لم نستطع فإن خطة بومبيو تستمر في التفعيل وصولًا الى المواجهة مع العدو الاسرائيلي.
يعيب البعض على المقاومة صبرها وبصيرتها، ولكن المقاومة تمارس الفعل الاستراتيجي البعيد النظر الذي يجعلها تركز على الخطة الأساسية فتعطلها، وتحتفظ بالأمور الفرعية والثانوية لتعالجها لاحقًا، إن هم المقاومة الرئيس اليوم هو منع الانفجار الأمني، ومنع الفتنة داخل الصفوف الشيعية والصفوف الإسلامية والصفوف الوطنية مثل المسيحية.
والمميت في هذا الموضوع هو الاستمرار في خدمة خطة بومبيو التي وقفت الان ومنذ ثلاثة أشهر عند عقدة الانفجار الأمني الذي يعمل عليه، السؤال الآن: هل سينجحون، أعتقد أنه حتى اللحظة، ووفقًا للمعطيات المتوفرة بين يدي، أستطيع القول إن نجاحهم في هذا الإطار غير محتمل، والفشل هو الأكثر احتمالًا، ولكن دائمًا في ظروف الميدان نحسب الحساب للمفاجآت التي تؤدي الى خلل ما، أو فقدان السيطرة في الوقت الذي نحن نكون مطمئنين اليه، لذلك ينبغي التحسب والترقب. وبالتالي، فإن الاحتمال الأعلى هو أن نُفشّل الانفجار الأمني، والاحتمال الأسوأ هو الفشل في تفجير الانفجار الأمني، وهنا على المقاومة وجمهورها الاستعداد لأمور ثلاثة:
لقد اتخذ لبنان رهينة بعد العام 2018، لأن هذا العام كان نقطة التحول النهائية بالحرب الكونية على سوريا، وهذا العام هو عام دفن المشروع الاصلي في سوريا، ودفن مشروع تفكيك المقاومة، فتوجه الى لبنان ما اعتمد في ذلك الحرب الاقتصادية للبنان وسوريا ومحور المقاومة كله، قانون قيصر الذي بدأ الاعداد له بعد عام 2018 لا يعني سوريا فقط بل لبنان والعراق والأردن، وكذبًا تقول اميركا إنه لسوريا فقط.
نظام الطائف هو نظام تهميش الدولة لإقامة الزعامات الأدوات، وأبلغ من وقع على هذه الحقيقة، ودعا الى تصحيحها هو السيد حسن نصرالله عندما دعا الى مؤتمر تأسيسي، ليس لانتزاع صلاحية من هذا أو مكسب من ذاك، ولكن المؤتمر التأسيس بميزان السيد نصرالله كان لبناء دولة، وهم لا يريدون ذلك.
إن المخطط كان يريد شيئًا، ولكنه فوجئ بالمقاومة في العام 2000 وفوجئ في العام 2006 وصدمته واذهلته في الحرب الكونية، كل الحسابات الاستراتيجية العسكرية السياسية الاقتصادية كانت تقول إن الحرب الكونية ستصل الى أهدافها في مهلة لا تتجاوز الستة أشهر.
اليوم ما نحن فيه في لبنان هو استمرار لخطة بومبيو بالشكل الاقتصادي الذي يؤدي الى الانفجار، الخطة بدأت تأكل نفسها، ولذلك لابد من الصبر الاستراتيجي، ويتم احياؤها إذا انتقلنا الى المرحلة الرابعة؛ ولذلك هم متوترون استبعد تشكيل حكومة قبل شهرين، لان المخطِّط لايزال يحلم بانفجار أمني خلال الشهرين المقبلين، والمازوت والدواء والخبز فتيل للتفجير، والمنسق العام للحرب الاقتصادية والإرهاب الاقتصادي هو رياض سلامة الذي يدير اللعبة كلها؛ وبالتالي نحن هنا امام ثلاث سلبيات:
المطلوب منا ان لا نعمل بالميدان، لأنه إذا نزلنا الى الميدان نكون بذلك نحقق الخطة، ولذلك الروية ومن اجل ذلك نعول على الجيش. فتيل التفجير اليوم في لبنان يقع بين خلدة والاولي، إذا بقي باردا الخطة فاشلة ولكن إذا حمي الخطة تنجح. أداؤنا كمقاومة حتى اللحظة لا غبار عليه، وأداؤنا كبيئة مقاومة ومتعاطين بالشأن الاقتصادي والتجاري للمقاومة عليه علامات استفهام كثيرة فعلينا ان نعالج هذا الموضوع.
أبرز ما جاء في مداخلة د. حسن سرور
بدأ د. حسن سرور مداخلته بطرح مجموعة من الأسئلة: هل إن الازمة اللبنانية منفصلة عن أزمات المنطقة؟، هل هي ازمة داخلية ومحلية او هي مرتبطة الى حد بعيد وبشكل عضوي مع ازمات المنطقة وما يجري حولنا؟، وهل هي طارئة أم عميقة في التاريخ؟، هل هي أزمة اقتصادية مالية نقدية أم أزمة نظام بمنهجيه ونموذجيه السياسي والاقتصادي؟، كل هذه الأسئلة بحاجة الى إجابات. وقال: إن نجاح المقاومة عام 2000 هو الذي أذهل مراكز القرار في الغرب، وهنا بدا التفكير بأسلوب مختلف، ومن هنا كان عمليًا التفكير باغتيال رفيق الحريري، ولكن الفشل في حرب تموز 2006 دفعهم الى التفكير بشكل مختلف كليًا، ونحن الآن نعيش نتائج هذا التفكير، وتلك الاستراتيجيات.
لبنان بعد العام 2006 في نظر الغرب وأصحاب القرار ومؤسسات الاستشارات في اميركا والغرب مختلف كليًا، وبالتالي التعاطي معه كان من خلال الحرب الناعمة بهدف قطع امدادات المقاومة؛ ولذلك شهدنا ما شهدناه في سوريا، وقطع كل تواصل لها مع العمق البعيد في العراق او إيران، وهذا فشل في سوريا وقد أذهلهم، وبالتالي كان هناك تفكير باللجوء الى عناصر مختلفة، وبدأ التضييق على لبنان اقتصاديًا عام 2018، واغلاق مصرفين، المؤسف بالنسبة إلى خارطة الطريق التي وضعتها اميركا البدء بالتضييق على بعض المصارف، والتضييق على بعض الحسابات الخاضعة، او القريبة من المقاومة، والخطوات الثانية كانت عملية تهريب الرساميل من قبل المتواطئين مع هذه خارطة الطريق في الداخل، وهذا ما أدى الى ما وصلنا اليه، فلبنان ليس بلدًا مفلسًا اقتصاديًا بالمفهوم الاقتصادي، لأنه لدينا موارد بشرية غنية جدًا، وموارد طبيعية لا تُستغل بكل اسف، وقدرات وتدفقات سنوية نقدية تدخل الى البلد. لكن هناك من يتعمد انهيار الاقتصاد اللبناني، وهناك قوى داخلية تقوم بهذا الفعل عن سابق تصميم وإصرار، ورياض سلامة هو موظف في المصرف المركزي الأميركي برتبة حاكم مصرف لبنان، وهو ينفذ الأوامر الأميركية.
اليوم نحن بخضم وعمق هذه الازمات والعقوبات، ويمكن أن تتصاعد والسيناريو مأساوي وقد تتطور الأمور، ويمكن أن يكون الحصار بمادة المازوت تحديدا. أما مواجهة العقوبات فيفترض أن تكون على شقين: الأول داخلي محلي بحت، وهذا الشق من شقين: أمني واقتصادي، ومن جهة الناحية الأمنية علينا بالصبر وتفويت الفرصة، والتركيز على عمل المؤسسة العسكرية لتقوم بدورها وواجبها والتصدي لكل العابثين بأمن البلد.
إذا أردنا تجاوز أي خلل أمنى الذي يستهدف المقاومة وبيئتها يعتمد في الدرجة الاولى على الاستعانة بالجيش اللبناني، لان التصدي له من قبل المقاومة بشكل مباشر يمكن ان يوسع الفتيل ودائرة النار، وإذا اتسعت دائرة النار لا نعرف ما مدى القدرة على التحكم بها.
من الناحية الاقتصادية، أعتقد أن التكافل الاجتماعي شهدنا بعضه من خلال المغتربين والمساعدات التي تأتي، يفترض ان يكون التكافل الاجتماعي داخلي محلي. إن النظام السياسي هو أصل المشكلة لدينا؛ وبالتالي لا يمكن تطوير هذا النظام بل يجب تغييره، والتغيير الراديكالي صعب، ولكن التغيير على مدى 10 او 20 عامًا ضمن خارطة طريق وخطة واضحة. والنموذج الاقتصادي في لبنان هو ما أوصلنا الى ما نحن عليه؛ وبالتالي لا بد من تغييره، سواء بالعودة الى القطاعات الإنتاجية او القطاعات المعرفية، والانهيار الاقتصادي هو بفعل فاعل في لبنان، وبفعل المضاربات والتواطؤ الداخلي مع القرارات الدولية.
أبرز ما جاء في مداخلة د. وسام إسماعيل
استهل د. وسام إسماعيل مداخلته بالإشارة إلى "غايات الدول الكبرى، خصوصًا الولايات المتحدة من فرض العقوبات، أو الحصار والتجويع وما الى ذلك"، وقال: تتمحور غايات الدول الكبرى عادة حول فرض شروطها السياسية على الدول، ونحن في لبنان نعيش حالة عقوبات وحصار، ولا نعيش حالة حرب اقتصادية، لأن هناك اختناق في هذا الموضوع. وإذا أردنا النظر الى واقع لبنان مقارنةً بالدول الأخرى، فإن العقوبات والحصار والتجويع على دول أخرى كسوريا لم يتم التحضير لها كما تم التحضير للأمر للبنان، ففي سوريا مثلًا ومنذ بدء مشروع الازمة في العام 2011 بدأنا نشهد مشاريع لتجويع وحصار الدولة السورية والشعب السوري، ولكن هذا الامر يختلف في لبنان، لأنه لم يكن وليد ساعة اتخاذ القرار في العام 2018 او 2019 ، ولكن منذ اتفاق الطائف وحكومات ما بعد الطائف وحكومات الرئيس رفيق الحريري، فمنذ تلك اللحظة بدأ التحضير لدخول لبنان في نادي المتطبعين والمنضوين في مشروع التسوية مع الكيان الإسرائيلي.
يفترض النظر الى عملية التغيير التي طالت في تلك المرحلة بنية لبنان الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فبعد الطائف كان التوجه دائمًا باتجاه تحويل الاقتصاد اللبناني الى اقتصاد ريعي، واقتصاد تسولي، وضرب القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، وكان المطلوب ربط لبنان بمنظومة الديون والمؤسسات الدولية المالية، وتفكيك المنظومة الإنتاجية عبر اهمالها ومحاصرتها، وتثبيت سعر الصرف بما يجعل الاستيراد أقل كلفة من الإنتاج، هذا بالإضافة الى مشروعين هما: تشريع الوكالات الحصرية وربطها بالسياسة، وربط مفاصل الدولة الاقتصادية والمالية والنقدية بالتحديد بالبنك الدولي وغيره.
عندما جرى العمل على هذه الفكرة من لم يكن الأميركي يتوقع ـن المقاومة ستتحول الى تلك القوة الإقليمية، وأنه سيحتاج هذا المشروع لضرب المقاومة، كان اقصى ما يمكن أن يفكر به الأميركي في تلك المرحلة أن تكون الدول المجاورة للكيان الإسرائيلي ضعيفة حتى يسهل التحكم بها. ولكن حين فشلت تلك القوى العالمية في تحييد قوة المقاومة في المنطقة والقضاء عليها، خصوصًا بعد التحرير، بدأ العمل على مشاريع لضرب هذه المنظومة، وهذه المشاريع كانت بأدوات خارجية في بعض الأحيان، مثل حرب 2006، وأحيانًا بأدوات إقليمية ومحلية.
حين فشلت كل هذه المحاولات كان القرار بتفعيل الحصار على لبنان عبر المنظومة التي سبق للقوى العالمية ان رسمتها في لبنان. ومشكلة الحصار الاقتصادي والعقوبات من الادوات التي تتميز بالخطورة والذكاء والدهاء، فهي خطيرة نظرًا الى نتائجها، ذكية لأن النخب اللبنانية حتى الان لاتزال مختلفة في وجهات نظرها حول حقيقة ما يحصل في لبنان.
نتيجة هذا الواقع الاقتصادي القائم على الهبات والمساعدات، ونتيجة فشل الوسائل الأخرى اتخذ هذا القرار بمقاطعة لبنان وتركه لوحده، وبدأ استغلال هذا الامر، وبدأ العمل على إخضاع لبنان لابتزاز سياسي مقابل بعض الاوكسجين المالي.
بعد فشل المنظومة السياسية المعادية للمقاومة بالقيام بالمهام المطلوبة منها، وبعد دخول المقاومة الى سوريا وفشل المشروع الأميركي لترسيم الحدود مع الكيان الاسرائيلي، وعدم قدرة الأميركي على التأثير في عملية الإنتاج للنفط والغاز في لبنان، بدأنا نشهد هذه الحالة من المقاطعة، وكان المطلوب انهيار الدولة او تخضع، وهما خيارين مرّين على محور المقاومة، لأن انهيار الدولة سيؤدي الى اضطرابات، وإذا رضخت المقاومة فان مشروعنا قد انهزم عمليًا، واميركا تعتقد أنها ستربح في الحالتين.
والحل يكون:
1ـ اقتصاد انتاجي لتحصين لبنان، وتحويله إلى بلد منتج، ويستحصل على العملات الصعبة بعرق جبينه ولا يتسولها، وهذا ما يؤمن المنعة السياسية قبل الاقتصادية، ويفترض مكافحة الفساد وتفعيل اليات المحاسبة وعدم تسييس القضاء، وهذا الامر يعود الى مؤتمر تأسيسي وإلغاء الطائفية السياسية والعمل على تغيير بعض المواد الدستورية، وتغيير شكل النظام الذي أثبت فشله بعد 30 عامًا، ويفترض البحث في الية تطويره، وخواتيم اتفاق الطائف هو ما وصلنا اليه الان.
2ـ تنويع الخيارات والتوجه شرقًا، ولذلك يفترض بالدولة مراعاة مصلحتها القومية وامنها ومجتمعها عند اتخاذ قرار على مستوى العلاقات الخارجية في الدرجة الأولى، فهذه العلاقات تقوم على عنصري القوة والمصلحة، وهذا الامر لم ننجح في فرضه على الدولة اللبنانية؛ بدليل أننا حتى الآن نتعلق بالمشروع الاميركي والمشروع الأوروبي، ونستجدي الأميركي والاوروبي والخليجي لنستحصل على الفتات.
من ضمن الحصار المفروض على لبنان التأثير على الدور، لبنان اخذ دورًا، او وظيفة لم يكن الأميركي ليقبل بها، وهي أنه رأس حربة في وجه المشروع الإسرائيلي في المنطقة وهذا غير مقبول، فهم يريدون لبنان دولة تابعة، دولة صاحبة دور تابع يقوم بوظيفة خادم على مستوى المنظومة الاقتصادية في المنطقة، وهذا ما لا نريده.