• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
إصدارات الأعضاء

مستقبل الاقتصاد العالمي والبجعة السوداء وعلامتنا ابن خلدون؟


تتراوح الأسئلة الاقتصادية حاليا حول (ما هو مصير الاقتصاد العالمي المستقبلي وطبول الحرب الدولية تقرع ؟!) ويكبر الصراع حتى أصبح صراعا على الوجود وليس على الحدود، وكل الاحتمالات مفتوحة على المستقبل لكن يطغى عليها التشاؤم وسيطرة حالة عدم اليقين، وخاصة مع زيادة تمركز (رأس المال) و(التهميش الاجتماعي) بين الدول وضمن الدولة الواحدة، وبدأ الكثير من المفكرين الاقتصاديين العالميين يؤكدون أن الاقتصاد العالمي سنة /2022/ هو في أسوأ أحواله ويشبه إلى حد ما وضعه  بين سنتي  /1929-1938 / أي أزمة الكساد الكبير أو الازمة الاقتصادية العالمية الكبرى التي كانت نتيجة  للحرب العالمية الأولى وممهدة  للحرب العالمية الثانية.

ومع زيادة التوتر العالمي الحالي وخاصة إذا انتقل الصراع من الميدان الاقتصادي إلى الميدان العسكري بين الدول والتحالفات الكبرى المدججة بالأسلحة النووية القادرة على تدمير العالم مئات المرات سيترتب عبى هذا نتائج كارثية أكثر مما نعتقد، وخاصة انه في سنة /2023/ بدأت الأمور العالمية  تتأزم يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة، وبدأت الدول الصناعية تتعرض لمشاكل اقتصادية جوهرية مثل باقي دول العالم الأخرى، ومن خلال تأمل الخارطة الاقتصادية العالمية وجدنا تغير في معالم القوة الاقتصادية التي هي الأساس المادي لكل أنواع القوى الأخرى، مما رتب على هذا ضرورة تغير بعض المصطلحات الاقتصادية مثل (الدول المتقدمة المتطورة والمتأخرة - دول الشمال والجنوب - دول القيمة المضافة ودول الاقتصاد الريعي - دول اشتراكية ورأسمالية ...الخ).

وعلى حد ما يسيطر حاليا مصطلح الصراعات الجيوسياسية، وكمثال على ذلك لم تعد القارة الاوربية كما كانت حيث نشهد تظاهرات اجتماعية في (بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها) بسبب [تراجع مستوى المعيشة والانفاق الاستهلاكي وقيمة القوة الشرائية ومعدل النمو الاقتصادي وقيم الناتج المحلي الفعلية  الإجمالية وسلاسل التوريد والامدادات والتدفقات النقدية الخارجية والاحتياطيات النقدية وعمل الأسواق المالية والبورصات والاستثمارات ومعدلات السيولة والعقود الآجلة وغيرها]، وبنفس الوقت يشهد الاقتصاد العالمي [زيادة الديون وعبئ خدماتها  وقيم الديون المعدومة الديون ومستوى الفقر والاسعار و الازمات وخاصة أزمة الطاقة والمحروقات ومشاكل البيئة والتغير المناخي ومعدلات الركود التضخمي وفوضى سوق السكن وحالات تعويم النقود وفشل وصفات صندوق النقد الدولي وتذبذب أسعار الصرف  والتحوط النقدي والسلعي والإجراءات الحمائية والجمركية والحروب التجارية والعقوبات وحالات الحصار الاقتصادية وزيادة عجوزات الموازنات السنوية وحدة المديونية وأسعار الفائدة وتعويم أسعار الصرف والضغوطات المالية...الخ].

ولكل من هذه القوى المتصارعة إجراءاته الاقتصادية المعتمدة على نهجه الخاص به والمشتقة من النظريات الاقتصادية القديمة التي تعلمناها ونعلمها لطلابنا في كليات الاقتصاد مثل [المركانتيلية والفيزوقراطية والكلاسيكية (أدم سميث - ديفيد ريكاردو) والماركسية والكينزية والنقدية ...الخ]، وبرأينا أن ما يجري حاليا تجاوز حدود هذه النظريات، ومع قناعتنا بأن كل الاحتمالات مفتوحة على المستقبل فإن العقل البشري سينتصر وسيظهر قريبا ضوء ما في نهاية النفق، وستظهر رؤى اقتصادية جديدة قادرة على إنقاذ العالم من حرب إن وقعت ستدمر كل شيء، فهل هذا الواقع يمهد للتفكير (خارج الصندوق) لأن لكل مشكلة حلها الكامن بها لكن إذا وقعت الحرب فإننا نتفق مع العبقري (ألبرت آينشتاين) حيث قال [أنا لا أعرف ما هي الأسلحة التي سوف تكون في الحرب العالمية الثالثة ولكن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة]، وبرأينا ليست الحقيقة محصورة بمداركنا بل قد تكون خارجها وبما يذكرنا بنظرية (البجعة السوداء) وجوهرها ان اغلب الناس يعتقدون أن لون البجع أبيض واستمر هذا الاعتقاد حتى سنة /1697/ حين  اكتشف البحار الهولندي (ويليم دي فلامينغ) بجعة ذات  لون اسود ،وبالتالي أبطل المفهوم السائد في وقته والمعتمد من قبل الكاتب الروماني الساخر(جوفينال) بأن البجعة السوداء مصطلح يدلّ على الأحداث النادرة الحدوث، وبالتالي بعد اكتشاف البجعة السوداء  تم التأكيد بأن عدم رؤيتنا للبجع الأسود لا يعني عدم وجودها، وهذا ينطبق على قدرة التنبؤ بمستقبل الاقتصاد العالمي، وقد يكون الحل في نظرية موجودة لكن غير معروفة  مثل (البجعة السوداء) وتتجسد في رؤية علامتنا الكبير (ابن خلدون 1332-1406) رحمه الله بربط بين النمو الاقتصادي والعمران وقال:[ فالعمران يؤدِّي إلى زيادة الدَّخول، التي تؤدي بدوْرِها لزيادة الإنفاق، الَّذي يمثل طلبًا على السلع التَّرَفيَّة ما يؤدي إلى رواجها، ومن ثمَّ زيادة حجم إنتاجها، الأمر الذي ينجم عنه زيادة الدَّخل الذي يحقِّقه القائمون على هذا الإنتاج، ثم يتحوَّل هذا الدخل مرَّة ثانية إلى إنفاق، وتتكرَّر الدورة نفسها من جديد]، هكذا ننقذ الاقتصاد العالمي فهل تكمن فكرة البجعة السوداء عند علامتنا ابن خلدون؟!