• اخر تحديث : 2024-05-10 13:04
news-details
ندوات وحلقات نقاش

أبعاد العقوبات الإقتصادية الأميركيّة على الجمهوريّة الإسلاميّة وتداعياتها المحتملة.


في إطار تصعيد الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبعد اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ايار/مايو الإنسحاب من الاتفاق الدولي النووي الموقع مع الجمهورية الإسلامية في العام 2015 ، أعاد ترامب فرض العقوبات الاميركية التي رفعت بموجب الاتفاق، وستدخل المرحلة الثانية حيز التنفيذ مع حلول تشرين الثاني المقبل، حيث دعت واشنطن كل الدول إلى تصفير وارداتها من النفط الإيراني، وتوعدت واشنطن بفرض عقوبات على الدول التي تستورد النفط من إيران(أ ف ب، 26-6-2018).

وقد تداول المحللون سلسلة فرضيات لناحية تداعيات سياسة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن ضد طهران من قبيل الضغط على إيران من أجل التفاوض على دورها السياسي والعسكري ومن ضمنها صناعة الصواريخ البالستية، وبرنامجها النووي في آن واحد، والتخلي عن مواقفها الداعمة لحكات التحرر في العالم، لاسيما المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وبالتالي إنهاء عدائها للكيان الغاصب؛ وثمة فرضية أيضًا هي أن تكون العقوبات بمثابة تمهيد لشن حرب عسكرية ضد إيران، وإن كان هذا الإحتمال مستبعد من وجهة نظر كثير من المحللين

ويؤكد المتابعون للشأن الإيراني أن العقوبات التي ستدخل حيز التنفيذ في الرابع من تشرين الثاني المقبل ستكون الأشد بتداعياته على الجمهورية الإسلامية.

في ضوء هذه التكهنات، وللوقوف على طبيعة التداعيات التي يمكن أن تُحدثها العقوبات الجديدة القديمة على الجمهورية الإسلامية واقتصادها، نظّمت حلقة نقاش بعنوان: "أبعاد العقوبات الإقتصادية الأميركيّة على الجمهوريّة الإسلاميّة وتداعياتها المحتملة".  

المشاركون

#

الإسم

الصفة

 

1

د. حسن سلمان

رئيس الرابطة

 

2

الأستاذ محمد مهدي شريعتمداري.

المستشار الثّقافيّ الإيرانيّ في لبنان

 

3

د. حسين رحال

مسؤول الإعلام الإلكترونيّ في حزب الله

 

4

د.علي زعيتر

أستاذ جامعيّ وخبير متخصّص في الإقتصاد الإيرانيّ

 

 

وقائع الجلسة:

بداية قدم رئيس الرابطة د.حسن سلمان مداخلة اعتبر فيها أن الجمهورية الإسلامية استطاعت ان تحول سلاح العقوبات الأميركية الموجه اليها، وان توظفه بشكل ايجابي من خلال أوجه عدة في الاقتصاد.

ومن أبرز ما جاء في مداخلته من نقاط:

ـ لا علاقة لسلاح  العقوبات الأميركية بقضية الملف النووي الايراني، بل إن هذه العقوبات تريد النيل من  موقف  الجمهورية السياسي ودورها في المنطقة، خاصة لجهة تبنيها لقضايا الامة، وهذا شرط تضعه اميركا والمحور الذي يتعامل معها، والنقطة الثالثة المنظومة الصاروخية التي تمتلكها.

ـ كل المؤشرات تقول بأن العقوبات الجديدة التي فُرضت، وتلك التي ستُفرض لاحقًا على إيران هي اقوى واشد من سابقاتها.

ـ يُطرح اليوم موضوع  بديل الدولار من خلال مجموعة البريكس وغير ذلك، لكن في اعتقادي أن هذا البديل سيؤدي الى حرب. من  بوابة الإقتصاد، وتحديدًا النقد.

ـ لا يجب ان نستهين بالعدو، فترامب ليس شخصًا، بل وراءه اميركا. وحلفاؤها في المنطقة.

وختم د.سلمان بطرح مجموعة تساؤلات ، أهمها:

ـ هل تستطيع الجمهورية الاسلامية استيعاب الضغوطات الجديدة؟

ـ كم تستطيع ان تصمد ايران في ظل هذه العقوبات؟.

ـ هل أخطأت الحكومة الحالية في التقارب مع اميركا؟

المستشار الثقافي الأستاذ محمد شريعتمدار

بعد ذلك قدّم المستشار الثقافي الأستاذ محمد شريعتمدار مداخلته، ومن أبرز ما ورد فيها:

ـ إن العقوبات على إيران ليست جديدة، بل هي سياسة مستمرة منذ السنين الاولى لانتصار الثورة، حيث كان موضوع تجميد الارصدة الايرانية، وعدم تزويد إيران بالطائرات والاسلحة التي كانت ضمن صفقات مبرمة في ايام الحكم البائد.

ـ هذه العقوبات من الوسائل الاساسية التي تستخدمها اميركا ضد إيران، وهي تدل على فشل اميركا في مواجهة إيران.

ـ الادارة الاميركية حاولت فرض هذه العقوبات بهدف الاخلال بالنظام، وتحديد السياسات والمعادلات في إيران، وزعزعة الداخل، وايجاد شرخ بين الجمهور ونظام الحكم.

ـ لا شك ان هذه العقوبات تؤثر وأثرت بشكل أو بأخر على الاقتصاد الايراني، لاسيما أنها تضافرت مع مجموعة من  العوامل الداخلية  المتصلة بطريقة ادارة الملفات الاقتصادية والعوامل الخارجية.

ـ في الفترة الاخيرة تم نقل غرفة العمليات الاميركية من وزارة الدفاع الى وزارة الخزانة، وما سمي بمكافحة الارهاب المالي معتمدين على 3 نفاط: الدولار، مدينة نيويورك باعتبارها المركز للعمليات المالية في العالم، وعولمة العلاقات التجارية والمالية المتبادلة.

ـ العقوبات ليست جديدة، لكن الأبرز اذا صح التعبير هو أن الموضوع بات أكثر تعقيدًا، وأكثر علانية ووضوحًا في زمن ترامب الذي أعلن ان الهدف هو الضغط أكثر على إيران لقطع ارتباطها مع العالم والمنطقة، والوصول الى النفط، وتجفيف منابع ايران المالية بهدف تغيير النظام. وهذا لا يعني ان الحرب تحولت من عسكرية الى سياسية، او مالية؛ ذلك أن هوية هذه الاهداف واحدة.

بعد هذه المقدمة عن تاريخ سياسة العقوبات التي ترفعها الإدارة الأميركية ضد إيران، والأهداف المتوخاة، انتقل الأستاذ شريعتمدار إلى الحديث عن آليات المواجهة التي تعدها الجمهورية الإسلامية، ومن أبرز ما أشار غليه من نقاط في هذا الخصوص:

ـ أولًا : لقد وضع السيد خامنئي خطة الاقتصاد المقاوم، وينبغي تنفيذها في حال وجود العقوبات أو عدمها؛ وصدرت تشريعات خاصة بتنفيذ هذه الخطة التي تستند أساسًا على قاعدة الاعتماد على الداخل، وعلى طاقة الشعب الايراني  بما يحول دون تأثر الاقتصاد، أو التقليل من حجم التأثير كحد أدنى.

ـ ثانيا : تم وضع الخطط والتخطيط مع افتراض أن العقوبات ستبقى مستمرة، بمعنى أن لا يكون التخطيط قصير ، أو متوسط المدى؛ بل يقوم على  فرضية استمرار العقوبات.

ـ ثالثًا: لحظت الإجراءات الإحترازية العمل على انتشار شركات التكنولوجيا التي تغذي الاعتماد على الداخل والقدرات الداخلية.

ـ رابعًا: تحقيق الوحدة الوطنية، والاعتماد على طاقات الشباب بما يساعد على تحويل التهديد الى فرصة قوة.

وفي سياق الإجراءات الإحترازية نفسها، أشار الأستاذ شريعتمدار إلى تأسيس مجلس أعلى اقتصادي يشمل السلطات الأساسية الثلاث، وأوكلت إليه مهمة إدارة العملية، وتحديد الأولويات الأخرى، وذلك بهدف تمركز قيادة العمليات في الحكومة وتنسيق كل الجهات معها.

ـ تم تشكيل غرفة عمليات مقابل غرفة العمليات التي كانت تخطط لذلك، ووضع الخطط الضرورية؛ ومن بين القرارات التي تم اتخاذها في هذا المجلس هو عدم استيراد أي سلعة، أو منتج يوجد مشابه له في الداخل، أو أي منتج غير ضروري.

ـ المهم أن هذه الجولة من العقوبات تستهدف المواطن الإيراني وثقته بالحكومة والقيادة؛ لذلك علينا مواجهة هذه الأهداف المرسومة لايران. دائمًا

ـ من المهم أن لا تتحول العقوبات على ايران إلى جزء من الحرب الناعمة.

ـ يجب أن نأخذ  موضوع العقوبات في الإطار  الإقليمي الكامل، وليس الإيراني فقط.

ـ إن إيران سوف تتجاوز هذه الأزمة في غضون فترة تتراوح ما بين 6 اشهر إلى سنة على الأكثر.

ومن أبرز النقاط التي وردت في مداخلة د. علي زعيتر:

لابد من نقاش العقوبات علي إيران من منظارين: منظار الاقتصاد السياسي الذي يعني بأن العقوبات هي أداة اقتصادية من أجل التاثير والضغط السياسي، واستخدام الإقتصاد كأداة لتغيير النظام السياسي الإيراني، والمنظار الآخر أن ثمة خلل، أو مشكلة عند إيران اسمه الرؤية الاقتصادية،  وهو ما ادى إلى أن يبقى الجانب الإقتصادي الخاصرة الرخوة لايران بالنسبة إلى الغرب؛ ومن أبرز التقلبات في الرؤية هو ما شهدناه في تقلبات سعر الصرف.

أما لجهة مواضع القوة، فقد لفت د.زعيتر إلى الجوانب التالية:

ـ إن إيران تملك من الاحتياطات من الدولار ما يمكنها من الإستمرار بالفرصة التي تعطيها إمكانية إحداث تغيير بنيوي، وفرص النجاح كبيرة جدًا، خاصة إذا ما طبقت سياسات الاقتصاد المقاوم.

ـ هناك قناعة اليوم في إيران مفادها أن الخروج من شر العقوبات التي ستفرض يستوجب الالتزام بسياسات الاقتصاد المقاوم التي لها فرص كبيرة في النجاح؛ ففي ايران شبكة مواصلات وبنية تحتية وعقل قادر على القيام بالادارة السليمة.

ـ بالنسبة غلى احتمال سقوط التداول العالمي بالدولار، فهذا أمر مشكوك فيه على اعتبار أن العالم لا زال ممسوكًا بنتائج معاهدات الحرب العالمية الثانية، ولا يزال يحتاج إلى الإقتصاد الأميركي.

ـ من الخطأ القاتل أن تعتمد إيران مجددًا على أوروبا.

ـ التهديد المباشر على إيران هو الحرب الناعمة؛ فالخوف هو أن تتبدل هذه العقوبات إلى جزء من الحرب الناعمة، وتتحول إلى فتنة داخل ايران.

ومن أبرز النقاط التي وردت في مداخلة د.  حسين رحال

ـ في موضوع العقوبات على إيران، هناك منطلقان هما: البيئة الخارجية والداخلية، وهناك متغيران فيهما، فحكومة ترامب ركزت على موضوع تصفير انتاج النفط الإيراني للتفاوض مع إيران، وبالتالي يريد ترامب تغيير طبيعة النظام الايراني من جهة، وخنق الإقتصاد الإيراني من أجل تحقيق أحد هدفين: إما ايقاع ثورة شعبية، أو إجبار الحكومة على اتخاذ قرارات تتنافى مع سياسة النظام.

ـ اعتقد أن البيئة الخارجية  المتعلقة بالعلاقات الدولية غير مؤاتية لترامب، وهناك رهان على القرار الأوروبي في ما يتعلق بالاتفاق النووي.

وما خص البيئة الداخلية: الصادرات النفطية، فمن المستحيل تصفير انتاج النفط الايراني، ذلك أن الدول التي تجد مصلحتها في عدم الالتزام بالعقوبات سوف تستورد مليون ونصف برميل من النفط. الإيراني.

ـ يوجد لدى إيران مقومات كبيرة جدا، وحجم الاقتصاد الايراني قادر على الصمود.

ـ هناك عمل نفسي مدروس من أجل التلاعب  بسعر الصرف وخلق هلع في السوق الايراني.

ـ هناك فرصة جديدة عالمية وهي المنحى العالمي لإيجاد البدائل عن الدولار، ويمكن ايجاد بدائل عن الدولار، وإذا نجحت إيران والدول التي ترعى مواجهة العقوبات سيكون لدينا مخرج مهم في موضوع التداول عن الدولار.

ـ إذا استطاعت إيران ان تصمد خلال 6 أشهر، ستكسر قرار اميركا في كسر الاقتصاد الايراني وتصفير الصادرات النفطية؛ وبالتأكيد هناك قلق، لكن هذا القلق يدعو إلى أخذ أقصى الترتيبات اللازمة.

وفي مداخلته أشار د.هادي دلول إلى وجود ثلاثة أنظمة في الجمهورية الإسلامية:

النظام المدني: في ايران لدينا نظام لم يستوعبه احد، وهو أن الجمهورية لا تُحكم بنظام سياسي، وأي عمل تخريبي سرعان ما يفشل.

النظام السياسي: في المجلس العام لدينا أمم متحدة ومجلس أمن، وأي عقوبة على ايران من حيث المبدأ ستشكل أزمة.

ولفت د.دلول إلى أن مشكلة الولايات المتحدة خاصة، والغرب عامة مع إيران ليست في عملية السلاح النووي، بل التقنيات النووية التي وصلت اليها، والتي ستؤثر على الإقتصاد الإسرائيلي والعالمي.

وطرح الأستاذ علي هاشم السؤال التالي: هل صحيح ان الصناعات في ايران هي علم استنساخ وليس علم اختراع؟ وردّ المستشار الأستاذ شريعتمدار بتأكيد وجود صناعات حقيقية في إيران، مشيرًا إلى نماذج منها.

الملخص  والتوصيات

 أولًاـ الملخص:

في ضوء النقاشات التي قدمها المشاركون، يمكن تلخيص أبرز ما ورد  وفق الآتي:

ـ أن  سياسة العقوبات الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية تستهدف ثوابت إيران وسياساتها على مستوى المنطقة (لبنان وفلسطين وسوريا) والعالم، وقدراتها الصاروخية الباليستية، والطاقة النووية في مجال التصنيع، وليس البرنامج النووي الإيراني.

ـ أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتأكيد سوف تتأثر بالعقوبات لكنها قادرة على تجاوزها في فترة زمنية أدناها 6 أشهر، وأقصاها سنة.

ـ حاجة إيران إلى إعادة النظر في رؤيتها الإقتصادية، وهو ما ترجمته عمليًا خطة الإقتصاد المقاوم التي وضعها السيد القائد الخامنئي.

ـ الخشية من تحول تلك العقوبات إلى حرب ناعمة لزعزعة الإستقرار الإيراني، على اعتبار أن تلك العقوبات ستفشل في تحقيق الأهداف الأميركية، وبالتالي البديل المتوقع هو الحرب الناعمة.

ثانيًا: في التوصيات:

لفت المشاركون إلى سلسلة أمور، خاصة على المستوى الإعلامي المتصل بطبيعة قراءة ما يجري في إيران، داعين إلى:

ـ ضرورة عدم انجراف وسائل الإعلام إلى الخطاب الإعلامي التشاؤمي ما خص قراء بعض الأحداث من قبيل تدهور سعر صرف العملة(التومان)؛ ذلك أن اسعار الصرف في السوق الحرة لا يشكل 5 بالمئة، والتضخيم الاعلامي لعب دوره في هذا المجال.

ـ ضرورة التركيز على خطة الاقتصاد المقاوم التي تنفذها إيران اليوم وغدًا.

ـ ضرورة الالتفات في الخطاب الإعلامي إلى منافذ الحرب الناعمة التي ستلجأ إليها الإدارة الأميركية وحلفاؤها لمواجهة إيران من الداخل.